للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الأبيض والخيط الأسود، الذي أراد الله تعالى بقوله ﴿حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ﴾ [البقرة: ١٨٧] فإن وسادًا يكونان تحته، وهما الليل والنهار، الآخذان بأقطار الدنيا، لعريض قاله له على طريق التبكيت، لما تأولهما عقالين وجعلهما تحت رأسه، وكان يأكل حتَّى يتبين له الأبيض منهما من الأسود. وقيل: معناه تعريض بالبلادة، وكنى بالوسادة عن القفا، كما قال في الحديث الآخَر: (إنك لعريض القفا) (١) ومثل هذا يعرض به للبليد الغبي، يريد لسوء تأويله في الآية وبعد فهمه لمعناها، وقيل: بل يكون معناه على وجهه أي: غليظ الرقبة سمين لكثرة أكله إلى بياض النهار، والأول أولى وهو بيّن من لفظ الحديث وسياقه، وإليه يرجع قوله: إنك لعريض القفا، لأن وساد المرء من قدره، فمن يتوسد الليل والنهار، يحتاج قفا من جنس ذلك، وقد ذكرناه في حرف العين. وقيل: الوساد هنا النوم؛ أي أن نومك كثير. وقيل: الليل كأنه يقول إن من لا يعد النهار حتَّى يتبين له العقالان، نام كثيرًا وطال ليله، وهما بعيدان في التأويل.

وقوله: (صاحب الوساد والمطهرة) (٢) يعني عبد الله بن مسعود، كذا جاء في البخاري من غير خلاف، في كتاب الطهارة. وفي رواية مالك بن إسماعيل، ويروى: الوسادة، وفي حديث سليمان بن حرب (صاحب السِّواد أو السِّواك) بكسر السين فيهما، وكان عبد الله بن مسعود يمشي مع النَّبِيّ حيث تصرف ويخدمه، ويحمل مطهرته وسواكه ونعليه، وما يحتاج إليه فلعله أيضًا يحمل وسادة إذا احتاج إليها، وأما أبو عمر فقال: كان يعرف بصاحب السواد والسواك: بكسر السين، ومعنى السواد السرار لقوله : (إذنك علي أن يُرفَع الحجاب، وتسمع سوادي) (٣).

[(و س ط)]

قوله: في الجنازة (فقام وسطها) (٤) وفي الحديث الآخَر: فوجدته في


(١) البخاري (٤٥١٠).
(٢) البخاري (٣٧٤٢).
(٣) مسلم (٢١٦٩).
(٤) البخاري (٣٣٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>