وقول البخاري "باب ما جاء في الذات"(١)، وفي الحديث ذات يوم أو ذات ليلة، ويصلحوا ذات بينهم.
فذات الشيء نفسه، وهو راجع إلى ما تقدم أي: الذي هو كذا "ذا" لمن تشير إليه، وذي للمؤنث، وذاك إذا أدخلت كاف الخطاب فإنما هو إشارة إلى إثبات حقيقة المشار إليه نفسه.
وقد استعمل الفقهاء والمتكلمون "الذات" بالألف واللام، وغلَّطهم في ذلك أكثر النحاة، وقالوا: لا يجوز أن تدخل عليها الألف واللام لأنها من المبهمات، وأجاز بعض النحاة قولهم الذات، وأنها كناية عن النفس وحقيقة الشيء، أو عن الخلق والصفات، وقد ذكرنا قولهم:"الذوين". وجاء في الشعر؛ وأنه شاذ.
وأما استعمال البخاري لها، فعلى ما تقدم من التفسير، من أن المراد بها الشيء نفسه، على ما استعمله المتكلمون في حق الله تعالى، ألا تراه كيف قال: ما جاء في الذات والنعوت، يريد الصفات، ففرق في العبارة بينهما على طريقة المتكلمين.
وأما قوله في الحديث:(ذات ليلة، وذات يوم) فقد استعملت العرب ذلك بالتاء وبغير تاء قالوا: ذات يوم، وذا ليلة، وذا يوم، وذات ليلة، وهو كناية عن يوم وليلة كأنه قال: رأيته وقتًا أو زمنًا الذي هو يوم أو ليلة، وأما على الثانية فكأنه قال: رأيته. مدة التي هي يوم أو ليلة ونحوها. فقال أبو حاتم: كأنهم أضمروا مؤنثًا.
وكذلك قولهم: قليل ذات اليد أي: النفقة أو الدنانير أو الدراهم، التي هي ذات اليد أي: في ملك اليد.