للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عرضها للمكروه، وهو لا يدري، تغريرًا وتغرة. وقال بعضهم: معنى قوله: تغرة أن يقتلا أي: عقوبتهما، وهذا بعيد من جهة اللغة المعنى.

وقوله: (أغار عليهم وهم غارُّون) (١) أي: غافلون، والغر: بالكسر، والغرير: الغلام الذي لا علم عنده بالأمور بين الغرارة، والاسم الغرة: بالكسر والغرير أيضًا الكفيل، وأنا غريرك من فلان أي: كفيلك وغريرك منه أي: أحذركه.

وقوله: (لأن أغتر بهذه الآية ولا أقاتل يعني قوله: ﴿فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي﴾ [الحجرات: ٩] أحب إليّ من أن أغتر بالآية الأخرى يعني قوله: ﴿وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا﴾ [النساء: ٩٣] (٢) عند ابن السكن فيه وهم وتغيير، والصواب هذا أي: أخاطر بتركي مقتضى الأمر بها، أحب إلي من أن أخاطر بالدخول تحت وعيد الآية الأخرى، والغرر: المخاطرة. ومنه: عش ولا تغتر.

ومنه قوله تعالى: ﴿فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ (٣٣)[لقمان: ٣٣] أي: يخادع ويخاطر ويتعرض للهلاك.

ومنه (نهي عن بيع الغرر) (٣) وهو الجهل بالمبيع أو ثمنه أو سلامته أو أجله.

ومنه (لا يغررك أن كانت جارتك أوضأ منك) (٤) أي: لا تغتري بها وبحالها، وإدلالها على النبي لحبه لها وجمالها فتفعلي مثل فعلها فتقعي في الغرر والخطر والمكروه، ولا تعرضي بنفسك للمكروه، ويوقعك فيه اقتداؤك بها، وما تفعله هي لإدلالها بجمالها ومكانتها، و"أن كانت" في موضع الفاعل.

وقوله: فأتى بإبل (غر الذرى) (٥) أي: بيضها يريد أعاليها، وقد فسرناه في حرف الذال، وأراد أنها بيض فعبر ببياض أعاليها عن جملتها.


(١) البخاري (٢٥٤١).
(٢) البخاري (٤٦٥٠).
(٣) الموطأ (١٣٧٠).
(٤) البخاري (٥١٩١).
(٥) البخاري (٣١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>