للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهو المشهور، ورواه بعضهم: قدّر بالتشديد، اختلف في تأويل هذا الحديث فقيل: هذا رجل مؤمن لكنه جهل صفة من صفات ربّه، وقد اختلف المتكلمون في جاهل صفة هل هو كافر أم لا؟ وقيل: "قَدَر" هنا بمعنى "قدَّر"، يقال: قدر وقدر بمعنى. وقيل: هو بمعنى ضيق من قوله: ﴿وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ [الطلاق: ٧] وهذان التأويلان قيلا في قوله عن يونس: ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: ٨٧] ولا يليق في حق يونس التأويل الأول، ولا يصح أن يجهل نبي من أنبياء الله صفة من صفات الله، وقيل: قال "لئن قدر الله علي" في حالة لم يضبط قوله لما لحقه من الخوف وغمره من دهش الخشية، وقيل: هذا من مجاز كلام العرب المسمى بتجاهل العارف، وبمزج الشك باليقين، كقوله: ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى﴾ [سبأ: ٢٤] وأنت أمْ أمّ سالم.

وقوله: في الهلال: (فإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ) (١) موصولة الألف، رويناه: بضم الدَّال وكسرها معناه: قدروا له عدد ثلاثين يومًا حتَّى تكملوها، كما فسره في الرواية الأخرى فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ، هذا قول جمهور أهل العلم، وذهب ابن سريج من الشافعية: أن هذا خطاب لمن خُصَّ بهذا العلم من حساب القمر والنجوم أي: يعتمد على حسابها، وإكمال العدة: خطاب لعامة الناس الذين لا يعرفونه، ولم يوافقه الناس على هذا.

وقول عائشة (فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنّ) (٢) أي: قدروا طول مقامها للنظر، لذلك يقال: قدرت الأمر أقدُره وأقدّره إذا نظرت فيه وقدرته وتدبرته.

ومثله: (واقدر لي الخير حيث كان) (٣) بالوجهين، وبالكسر ضبطه الأصيلي.

وقوله: (وكلأ بلال ما قدر له) (٤) يروى بالتخفيف والتثقيل أي ما قدَّره الله من المقدار والمدة.


(١) البخاري (١٩٠٠).
(٢) البخاري (٥١٩٠).
(٣) البخاري (١١١٦).
(٤) الموطأ (٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>