للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تُسَمُّوا العِنَبَ الكَرْمَ فإنّما الكَرْمُ الرجل المسلم) (١) وفي الحديث الآخر: قلب المؤمن. سمت العرب الخمر كرمًا لما كانت تحثهم على الكرم فلما حرمها الشرع نفي عنها اسم المدح، ونهي عن تسميتها بذلك لئلا تتشوق إليها النفوس التي عهدتها قبل وقصر هذا الاسم الحسن على المسلم وقلب المؤمن، ومعنى كرم وكرم سواء وصف بالمصدر، يقال: رجل كريم وكرم وكرِم وكرام وقيل سميت بذلك لكرم ثمرتها وظلها وكثرة حملها وطيبها وإنها مذللة القطوف، سهل الجني ليس بذي شوك ولا شاق المصعد، كالنخل وأكله غضًا ويابسًا وادخاره واتخاذه طعامًا وشرابًا، وأصل الكرم الجمع، والكثرة للخير ومنه سمي الرجل كريمًا لكثرة خيره، ونخلة كريمة لكثرة حملها، فكان المؤمن أولى بهذه الصفة. وقد خص ذلك عمر بقوله: كرم المؤمن تقواه إذ هو شرفه وجماع خيره.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ﴾ [الحجرات: ١٣] كأنه أفضل أنواع الكرم وخصال الشرف.

وقوله: (إنما الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف) (٢) الحديث، إذا كان الكرم الجمع وكثرة الخير فهو حقيقة عند يوسف، لأنه جمع مكارم الأخلاق التي يستحقها الأنبياء إلى كرم شرف النبوة، وشرف علم الرؤيا وغيرها من العلوم وشرف رئاسة الدنيا، وكونه على خزائن الأرض، وشرف النسب بكونه رابع أربعة في النبوة، فبالحقيقة أن يحصر كرمه بإنما التي تنفي ذلك عن غيره.

وقوله: (كرائم أموالهم) (٣): نفائسها. وقيل: ما يختصه صاحبه لنفسه منها ويؤثره.

قوله: (ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه) (٤) أي: فراشه يريد الذي يكرم بالإجلاس عليه من يقصده، وكذلك الوساد وشبهه.


(١) البخاري (٦١٨٢).
(٢) البخاري (٣٣٨٢).
(٣) البخاري (١٤٩٦).
(٤) أبو داود (٥٨٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>