للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إشارة إلى القبول والإنعام عليه (١)، ومنه قوله تعالى ﴿يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ﴾ [المائدة: ٦٤].

وقوله: (كتب التوراة بيده) (٢) و (خلق آدم بيده) (٣) ويقبض السموات بيده، ومثل هذا مما جاء في الحديث والقرآن من إضافة اليد إلى الله تعالى، اتفق المسلمون أهل السنة والجماعة أن اليد هنا ليست بجارحة، ولا جسم، ولا صورة، ونزَّهوا الله تعالى عن ذلك، إذ هي صفات المحدثين، وأثبتوا ما جاء من ذلك إلى الله تعالى وآمنوا به ولم ينفوه وذهب كثير من السلف إلى الوقوف هنا ولا يزيدون ويسلمون ويكلون علم ذلك إلى الله ورسوله وكذلك قالوا في كل ما جاء من مثله من المتشابه، وذهب كثير من أئمة المحققين من المتكلمين منهم إلى أنها صفات علمت من جهة الشرع، فأثبتوها صفات زائدة على الصفات التي يقتضيها العقل من العلم والقدرة والإرادة والحياة ولم يتأولوها ووقفوا هنا وذهب آخرون منهم إلى تأويلها على مقتضى اللغة التي أرسل بالبيان بها صاحب الشرع ، كما قال تعالى ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ﴾ [إبراهيم: ٤] فتأولوا اليد على القدرة وعلى المنة وعلى النعمة والقوة والملك والسلطان والحفظ والوقاية والطاعة والجماعة، بحسب ما يليق تأويلها بالموضع الذي أتت به، وكذلك تأولوا غيرها من الألفاظ المشكلة، ولكل قول من ذلك سلف وقدوة ووجه وحجة ولا تخالف بينهم في ذلك إلا من جهة الوقوف أو البيان، وهم متفقون على الأصل الذي قدمناه من التنزيه والتسبيح لمن ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ﴾ [الشورى: ١١] خلافًا للمجسمة المبتدعة الملحدة.

وقوله: (بيدك الخير) (٤) الخير بيدك أي: ملكك وقدرتك.

وقوله: (وهم يد على من سواهم) (٥) أي: جماعة، واليد الجماعة أيضًا،


(١) هذا مخالف لما عليه السلف بشأن الصفات.
(٢) مسلم (٢٦٥٢).
(٣) البخاري (٧٥١٦).
(٤) أحمد (٢٢٨٤٦).
(٥) النسائي (٤٧٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>