للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

استعار لخصال المجد راية وللمبادرة لفعلها أخذ باليمين، وكذلك لما كان أكثر العطاء باليمين استعير لكثرة العطاء، وسعته وقيل: معنى يتقبلها بيمينه أي: أفضل جهات القبول. وقيل: بفضله ونعمته تسمى النعمة يدًا.

وقوله: (المقْسِطُونَ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورِ عَلَى يَمِين الرَّحْمَنِ) (١) يخرَّج على ما تقدم من أهل اليمين، أو الجنة، أو المنازل الرفيعة، أو كثرة النعمة والرحمة وسعتها.

وقوله: (وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِين) (٢) تنبيه للعقول القاصرة ألا يتوهم أن المراد بيده ويمينه ما عقلوه في المخلوقين من الجوارج، وأن منها يمينًا وشمالًا، بل نبه أن اليد واليمين من صفاته التي لا تتخيل ولا تشتبه وليس بجوارح.

وقوله: (فيوخذ بهم ذات اليمين) (٣) وفي الأخرى ذات الشمال، وأدخلهم من الباب اليمين ومن أبواب الجنة، مثل قوله تعالى ﴿وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ مَا أَصْحَابُ الْيَمِينِ (٢٧)[الواقعة: ٢٧] ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ (٤١)[الواقعة: ٤١] ﴿فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ﴾ [الواقعة: ٨] ﴿وَأَصْحَابُ الْمَشْأَمَةِ﴾ [الواقعة: ٩] قيل: في معاني هذا كله أنها المنازل الرفيعة كأنها من اليمن وخلافها المنازل الخسيسة، كأنها من الشؤم والعرب تسمي الشمال الشؤمى وهما بمعنى، وقيل: أهل اليمن هنا، والميمنة أهل التقدم وبضده الآخر: أهل التأخر، قال أبو عبيد: يقال هو مجتبى باليمين أي بالمنزلة الحسنة وقيل: هي طرق اليمين، إلى الجنة، والشمال إلى النار. وقيل: أصحاب اليمين والميمنة والشمال والمشأمة الذين أخذوا كتبهم بأيمانهم أو شمائلهم. وقيل: اليمين هنا: الجنة لأنها عن يمين الناس والشمال بضدها، وقيل: أهل اليمين والميمنة الذين خلقهم الله في الجانب الأيمن من آدم، وهو الطيب من ذريته، والآخرون الذين خلقهم الله في الجانب الشمال، والله تعالى أعلم.


(١) مسلم (١٨٢٧).
(٢) مسلم (١٨٢٧).
(٣) البخاري (٣٩٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>