للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عيسى لا يقولون إنه ابن. قال أبو عبيد الهروي عن ثعلب: أَرَسَ يَأْرِسُ صار أَرِيسًا والجمع أَرِيسون بالفتح والتخفيف وأَرَسَ يُؤْرِسُ مثله، وصار أُرْسِيًّا والجمع أُرسيُّون بضم الهمزة وهم الأَكرة، وقيل: الملوك الذين يخالفون أنبياءهم، وقيل: الخدمة والأعوان، وقيل: المتبخترون. وفي مصنف ابن السكن: يعني اليهود والنصارى فسره في الحديث، ومعناه إن عليك إثم رعاياك وأتباعك ممن صددته عن الإسلام واتبعك على كفرك، كما قال الله تعالى: ﴿يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَآ أَنتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] وكما جاء في بعض طرق هذا الحديث: وإلا فلا تحل بين الفلاحين والإسلام. قال أبو عبيد: ليس الفلاحون هنا الزراعون خاصة، لكن جميع أهل المملكة لأن كل من زرع هو عند العرب فلاح تولى ذلك بنفسه أو تولي له، ويدل على ما قلناه قوله أيضًا في حديث آخر: فإِن أَبَيْتَ فإنا نهدم الكُفور ونقتل الإِرِيسين، وإني أجعل إثم ذلك في رقبتك. الكُفور: القرى، واحدها كَفْرٌ، وهذا المعنى الذي تفسره الأحاديث ويعضده القرآن أولى ما قيل فيه.

قوله: (اتركوا هذين أو اركوا هذين) (١) يعني أخروهما وألزموهما حالهما حتى يصطلحا، يقال: أَرَكَ في عنقه كذا أي ألزمه إياه، وأَرْكَيْتُ عليه كذا ألزمته في عنقه، ولفظ الرواية هنا على الوجه الآخر فيكون من باب الواو لا من باب الهمزة.

قوله: في الذبائح: (إعجل أو أرن) (٢) كذا وقع في رواية النسفي، وبعض روايات البخاري: أرِنْ: بكسر الراء وسكون النون مثل: أقِمْ، وضبطه الأصيلي وغيره أرني بكسر النون بعدها ياء، ومثله في كتاب مسلم: إلا أن الراء ساكنة، وفي كتاب أبي داود أضرْن بسكون الراء ونون مطلقة، واختلف في توجيه هذا الحرف ومعناه، فقال الخطابي: صوابه إيْرَنْ على وزن إعْجَلْ وبمعناها، وهو من النشاط أي خف واعجل لئلا تموت الذبيحة خنقًا، لأن الذبح إذا كان بغير


(١) الموطأ (١٦٨٧).
(٢) البخاري (٥٥٠٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>