الجانب الأول: تحقيق المصلحة الشرعية عند النظر في النازلة:
إن اعتبار تحقيق المصلحة الشرعية عند النظر هو من مقصود الشرع الذي حافظ على ما يجلب فيه النفع ويدفع فيه الضرر، وكثيرًا ما يكون اجتهاد الناظر في النوازل بناءً على اعتبار حجِية المصلحة المرسلة التي لم يرد في الشرع نصٌّ على اعتبارها بعينها أو بنوعها ولا على استبعادها، ولكنها داخلة ضمن مقاصد الشرع الحنيف، وجمهور العلماء على اعتبار حجيتها.
وواقعنا المعاصر يشهد على اعتبار المصلحة المرسلة في كثير من المسائل المستجدة في الأنظمة المدنية والدولية وصورٍ من التوثيقات اللازمة لبعض العقود المالية والزوجية وغيرها.
وإذا لم يكن للفقيه فهم وإدراك لمقاصد الشرع وحفظ ضرورياته؛ وإلا أغلق الباب بالمنع على كثير من المباحات، أو فتحه على مصراعيه بتجويز كثير من المحظورات.
لكن المصالح المرسلة ليست بابًا مفتوحًا على مصراعيه يأخذ منه الشخص ما تهواه نفسه ويترك ما لا تهواه، بل لذلك ضوابط، نذكرها بإيجاز:
١ - اندراج المصلحة ضمن مقاصد الشريعة.
٢ - أن لا تخالف نصوص الكتاب والسنة.
٣ - أن تكون المصلحة قطعية أو يغلب على الظن وجودها.
٤ - أن تكون المصلحة كلية.
٥ - ألا يفوت اعتبار المصلحة مصلحة أهم منها أو مساوية لها.
ومما ينبغي للناظر في النوازل في هذا المقام؛ أنه إذا أفتى في واقعة بفتوى مراعيًا فيها مصلحة شرعية ما، فإن عليه أن يعود في فتواه ويغير حكمه فيها في حالة تغيّر