للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله: في الصدقة: (ما كان عن ظهر غنى) (١) فسره أيوب في الحديث عن فضل عيال، وبيانه من وراء ما يحتاج إليه العيال كالشيء الذي يطرح خلف الظهر، بينه قوله: في الحديث نفسه: (وَابْدأُ بِمَنْ تَعُولُ).

ومثله قوله: (من دَعَا لأَخِيهِ بِظَهْرِ الغَيْبِ) (٢) كأَنه مِنْ وَرَاءِ مَعْرِفَتِهِ وَمَعْرِفَةِ النَّاسِ بِذَلِكَ لأنَّهُ دليل الإخلاص له في الدعاء، وأبعد من التصنع، وكأنه من إلقَاء الإنسان الشيء وراء ظهره إذا ستره من غيره.

وقد يكون قوله: (عن ظهر غنى) بمعنى بيان الغنى وما فوق الكفاف، إذا الكفاف غنى، ويحتاج في الصدقة إلى زيادة وظهور عليه أو ارتفاع مال وزيادته عليه. وقيل: (عن ظهر غنى) أي: ما أغنيت به السائل عن المسألة، ومساق الحديث ومقدمته يمنع هذا التأويل لأنَّهُ قد قال: (وابدأ بمن تعول) وقاله ، بأثر الذي تصدق بأحد الثوبين الذي تصدق بهما عليه ونهيه عن ذلك.

وقوله: في حديث الشفاعة: (بين ظهراني جهنم) (٣) كذا للعذري، ولغيره "ظهري". وفي حديث عتبان وغيره، (بين ظهري الناس) كذا رواه الباجي وابن عتاب، وبعض أشياخنا، وعند الجمهور: "وظهراني"، وفي حديث الحوض: (بين ظهراني أصحابه) وكذلك (لأصْرُخْنَ بين ظهرانيهم) و (بين ظهري خليل (دهم) و (بين ظهري صيامها) وعند بعضهم أيضًا هنا: "ظهراني"، وفي حديث الكسوف بين (ظهري الحجر) كذا للقاضي وابن عتاب ولغيرهما: "ظهراني". قال الباجي: وهو المعروف.

قال القاضي : قال الأصمعي وغيره: يقال بين ظهريهم وظهرانيهم: بفتح الظاء والنون: ومعناه بينهم وبين أظهرهم. قال غيره: والعرب تضع الاثنين موضع الجميع.


(١) البخاري (١٤٢٦).
(٢) مسلم (٢٧٣٢).
(٣) البخاري (٨٠٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>