للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الموطأ، وهكذا رواه الجوهري، عن يحيى بن يحيى، ورواه أبو عمر بن عبد البر في الموطأ، وعليه اختصره في التقصي: إلا فرارًا منه: بالنَّصب. قال: ووقع في نسخ بعض شيوخنا إلا فرارًا، وإلا فرار بالرفع والنصب. قال: وكذلك في كتاب يحيى. قال: ولعل ذلك كان من مالك، وأهل العلم بالعربية يأبون هذه الرواية، لأن دخول "إلا" هنا بعد النفي لإيجاب بعض ما نفي قبل من الخروج فكأنه نهى عن الخروج إلا للفرار خاصة، وهذا ضد المقصد، والمنهي عنه إنما هو الخروج للفرار خاصة لا لغيره، وبعضهم جوز ذلك وجعل قوله: إلا "فرارًا" حالًا لا استثناء أي: لا تخرجوا إذا لم يكن خروجكم، إلا للفرار، فتطابق الرواية، والرواية الأخرى: "فلا تخرجوا فرارًا منه"، و "لا يخرجنكم الفرار منه" لأجل ذلك، ووقع للقنازعي ووهب بن مسرة في الموطأ: فلا يخرجكم الإفرار، وهذا وهم وتغيير لا يقال: "إفر" وإنما يقال في هذا: "فر" لا غير.

وقوله: (البَيِّعان بِالخِيَارِ مَا لَمْ يَتَفَرَّقَّا) (١) كذا لكافة رواة الموطأ ومسلم والبخاري، وعند أبي بحر والهوزني في حديث يحيى بن يحيى، عن مالك (مَا لَم يَفْتَرِقَا) وكلاهما بمعنى، لكن اختلف الفقهاء في معنى هذا التفرق، فذهب مالك وأصحابه إلى أنه بالقول، وذهب جمهورهم إلى أنه بالأبدان، وذهب بعض اللغويين، وحكاه الخطابي عن المفضل بن سلمة، إلى التفريق بين اللفظين فقال: يفترقا باللفظ، ويتفرقا بالأجسام.

وقول مالك (من قرن الحج والعمرة، ثم فاته الحج، فعليه أن يحج قابلًا، ويفرق بين الحج والعمرة) (٢) كذا عند أحمد بن سعيد، من رواة الموطأ ولغيره: "ويقرن" وهو الصواب ومذهب مالك المعلوم.

قوله: فرق المعصب بين المتلاعنين، كذا لابن ماهان، ولغيره: (لم يفرق


(١) البخاري (٢٠٧٩).
(٢) الموطأ (٨٧١).

<<  <  ج: ص:  >  >>