للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى أعطى، وإنما هو من الإتيان والمجيء والانفعال للوجود، بدليل الآية نفسها وبهذا فسر المفسرون أن معناه: جيئا بما خلقت فيكما وأظهراه، ومثله مروي عن ابن عباس، وقد روي عن سعيد بن جبير نحو ما ذكره البخاري، لكنه يخرج على تقريب المعنى أنهما لما أمرتا بإخراج ما بث فيهما من شمس ونجوم وقمر وأنهار ونبات وثمر كان كالإعطاء، فعبر بالإعطاء عن المجيء بما أودعتاه. والله أعلم.

وقوله: في صفة نزول الوحي: (فلما أُتْلِيَ عنه) (١) بضم الهمزة وتاء باثنتين فوقها ساكنة ولام مكسورة مثل أُعْطِيَ. كذا قيده شيخنا القاضي أبو عبد الله بن عيسى، عن الجياني، وعند الفارسي مثله إلا أنه بثاء مثلثة، وعند العذري من طريق شيخنا الأسدي: أُثِلَ بكسر الثاء المثلثة مثل ضُرِبَ. وكان عند شيخنا القاضي الحافظ أبي علي: أُجْلِي بالجيم مثل أُعْطِيَ أيضًا. وعند ابن ماهان انجلى بالنون، وكذا رواه البخاري. وهاتان الروايتان لهما وجه أي انكشف عنه، وذهب وفرج عنه، يقال: انجلى عنه الغم وأجليته عنه: أي فرجته فتفرج، وأجلوا عن قتيل: أي: أفرجوا عنه وتركوه. وقال بعضهم: لعله اؤتلى: أي قصر عنه وأمسك من قولهم: لم يَأْلُ يفعل كذا، أي: لم يقصِّر، وقال بعضهم: لعله أُعْلِيَ عنه، تصحف منه انجلى أَو أُجْلِيَ، وكذا رواه ابن أبي خيثمة: أي نُحِيَ عنه كما قال أبو جهل: أُعْلُ عنى: أي: تنح. وفي تفسير سورة سبحان: فلما نزل الوحي. وكذا في مسلم في حديث سؤال اليهودي، وهذا وهم بين لأنه إنما جاء هذا الفصل عند انكشاف الوحي، وفي البخاري في كتاب الاعتصام: فلما صعد الوحي، وهذا صحيح من نحوما تقدم أولًا.

وفي باب الدليل على أن الخمس لنوائب المسلمين في حديث عبد الله بن عبد الوهاب: كنا عند أبي موسى (فأَتى ذِكْرُ دجاجةٍ) (٢) كذا لأبي ذر والنسفي ولبعضهم، بفتح الهمزة وكسر الذال. وعند الأصيلي: (فأُتِيَ ذَكَرَ


(١) مسلم (٢٣٣٥).
(٢) البخاري (٣١٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>