للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والسخرية في حق الله تعالى لا تجوز على وجهها، لأنه متعالٍ عن الخلق في أقواله ومواعده، ومعنى قوله: تسخر بي وأنت الملك أي: تطمعني فيما لا أراه من حقي، فكأنها صورة السخرية، وقد يحتمل أن قائل هذا أصابه من الدهش والحيرة لما رأى من سعة رحمة الله تعالى بعد إشرافه على الهلاك، وما خايله من السقوط والزحف على الصراط، وما لقيه من حر النار وريحها وانفهاق الجنة بعد بُعْدِه عنها ما لم يحتسبه، ولم يطمع فيه، فلم يضبط من فرحه ودهشته لفظه، وأجرى كلامه على عادته مع المخلوق مثله، كما قال الآخر: من الدهش والفرح: أنت عبدي وأنا ربك وقيل: معنى أتسخر بي أي: أنت لا تسخر بي وأنت الملك، وإن الهمزة هنا ليست للاستفهام ولا للتقرير للسخرية، بل لنفيها، كما قال تعالى ﴿أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا﴾ [الأعراف: ١٥٥] أي: إنك لا تفعل ذلك وقيل: قد يكون هذا الكلام على طريق المقابلة من جهة المعنى والمجانسة. كما قال تعالى: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩] ويستهزءون ﴿اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ﴾ [البقرة: ١٥] وذلك لما أخلف هو مواعيد الله غير مرة إلا يسأله شيئًا غير ما سأله أولًا فلما رأى ذلك خشي أن يكون ذلك إطماعًا له بما رآه، ثم يمنع منه معاقبة لإخلافه وغدره، ومكافأة له على ذلك سماه سخرية، مقابلة لمعنى ما فعل، وفي هذا عندي بعد علي أني قد بسطت فيه من البيان ما لم يبسطه قائله، فإن الآية سمي فيها العقوبة سخرية واستهزاء، مقابلة لمعنى ما فعل، وفي هذا عندي مقابلة لأفعالهم، ولا عقوبة هنا إلا بتصوير الأطماع، وهو حقيقة السخرية التي لا تليق بالله وخلف الوعد، والقول الذي هو منزَّه عنه فإن قبله أدخل الجنة.

[(س خ ط)]

قوله: فهل يرجع أحد سخطه لدينه ولا يسخطه أحد (١) السخط: والسخط لغتان مثل: السقم والسقم. وهو الكراهة للشيء وعدم الرضى به.

وقوله: إن الله يسخط منكم كذا (٢)، وسخط الله عليه، هو في حق الله تعالى منعه من إباحة فعله ونهيه عن ذلك، ومعاقبة فاعله عليها وإرادته عقوبته.

[(س خ ل)]

قوله: في الزكاة: يعد علينا السخل، ويعد عليهم السخلة، يحملها الراعي (٣) هي: الصغيرة من ولد الضأن حين يولد ذكرًا وأنثى، والجميع سخل.

[(س خ م)]

قوله: نسخم وجوهها (٤) أي: نسودها والسخام: سواد القدر، والسخام أيضًا الفحم.

[(س خ ف)]

قوله: وما على كبدي سخفة جوع (٥): بفتح السين هو رقته وهزاله. قال الهروي، عن أبي


(١) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٣٨.
(٢) انظر مسلم في الأقضية حديث ١٠، ومالك في الكلام حديث ٢٠.
(٣) أخرجه مالك في الزكاة حديث ٢٦.
(٤) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٥١.
(٥) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة حديث ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>