للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(س ك ن)]

قوله: ونزلت عليهم السكينة (١)، وتلك السكينة نزلت لقراءة القرآن قيل: هي الرحمة. وقيل: هي الطمأنينة. وقيل: الوقار، وما يسكن به الإنسان مخففة الكاف، هذا المعروف، وحكى الحربي عن بعض اللغويين فيها التشديد وذكر عن الفراء والكسائي ويحتمل إن التي نزلت لقراءة القرآن السكينة التي ذكر الله بقوله ﴿فِيهِ سَكِينَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ﴾ [البقرة: ٢٤٨] فقد قيل: إنها شيء كالريح. وقيل: خلق كالهر. وقيل: خلق له وجه كوجه الإنسان. وقيل: روح من الله تكلمهم وتبين لهم إذا اختلفوا في شيء. وقيل فيه غير هذا، وفيما ذكرناه ما يحتمل أن ينزل مثل هذا على من يقرأ القرآن أو يجتمع للذكر لأنها من جملة الروح والملائكة، والله أعلم. وأما قوله في الصلاة: فأتوها وعليكم الوقار والسكينة (٢)، فهو هنا بمعنى الوقار والسكون، وكرر للتأكيد.

وقوله: السكن: بفتح الكاف ما يسكن إليه من منزل أو أهل، وذكر في الحديث السكين وهي المِدية، وذكر صاحب العين أنها تذكَّر وتؤنَّث، وقد جاء في بعض الأحاديث في الإسراء في غير هذه الأمهات: سكينة بها. وقال الهروي: أكثر العرب لا يعرفون إدخال الهاء فيها.

وقوله: فكأنّ الرجل استكان (٣) أي: خضع هو افتعل من السكون يقال: استكان واستكن واسكن وتمسكن ومنه: وأما صاحباي فاستكانا (٤) أي: خضعا لي. وقيل: استكان استفعل من الكنية بالكسر، وهي الحال السيئة. وقال الأزهري: إنما هو من السكون ومدت الألف كما قالوا: ينباع في ينبع، والمسكين مأخوذ من هذا لضعفه وذلته.

وأما قوله: في حديث الغار الآخر: فيستكنا لشربتها ضبطه الأصيلي بتخفيف النون وغيره بتشديدها وهما بمعنى الأول من استكان، والثاني من استكن أي: يضعفان لعدم شربتهما.

وقوله: فيسكن جأشه (٥) أي: يطمئن قلبه، ومثله قوله تعالى ﴿إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ﴾ [التوبة: ١٠٣] أي: طمأنينة يسكنون إليها.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله: فما زال يخفضهم حتى سكتوا (٦)، وكذا للمستملي بالتاء، ولغيره سكنوا (٧) بالنون، وكذلك في حديث ماعز: فرميناه بجلاميد الحرة حتى سكت (٨)، كذا لكافتهم، عن مسلم


(١) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٣٨، ٣٩.
(٢) أخرجه البخاري في الأذان باب ٣.
(٣) أخرجه البخاري في الأحكام باب ١٠، ومسلم في البر حديث ١٦٤.
(٤) أخرجه مسلم في التوبة حديث ٥٣.
(٥) أخرجه البخاري في التعبير باب ١.
(٦) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٤، والشهادات باب ١٥، وتفسير سورة ٣، باب ١٥، وسورة ٢٤، باب ٦، والمرضى باب ١٥، والأدب باب ١١٥، والاستئذان باب ٢٠، ومسلم في الجهاد حديث ١١٦.
(٧) أخرجه بلفظ: "سكنوا" البخاري في تفسير سورة ٣، باب ١٥.
(٨) تقدم الحديث مع تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>