للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(ب ل و)]

قوله: ما أُبِلي منا أحدٌ ما أُبليَ فلانٌ: أي ما أُغني وكُفي، وقوله في حديث هرقل: شكراً لما أبلاه الله به. أي أنعم به عليه وأحسن إليه، ومنه قول كعب: ما علمتُ أحداً أبلاهُ الله في صدق الحديث أحسن مما أبلاني، أي أنعم، ومنه قوله تعالى ﴿وَفِي ذَلِكُمْ بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: ٤٩] أي نعمة، والابتلاء ينطلق على الخير والشر، وأصله الاختبار. وأكثر ما ينطلق مطلقاً في المكروه، ويأتي في الخير مقيداً. قال الله تعالى ﴿بَلَاءً حَسَنًا﴾ [الأنفال: ١٧] وقال ابن قتيبة: أبلاه الله إبلاءً حسناً. وبَلاه يَبلوه بلاءً، أصابه بسوء، وقال صاحب الأفعال: بَلاهُ الله بالخير والشر بلاءً اختبره به وصنعه له. وقوله: بلوت. أي جربت.

وقوله: بعثتك لابتليك وأبتلي بك (١): أي أبتليك بما تلقى منهم من الأذى، وأمتحنهم بما يلقون منك من القتل والجلاء لمن كذبك.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله من بُلِيَ من هذه البنات بشيء (٢).

كذا هو، وذكره البخاري في باب رحمة الولد: يلِي. بياء باثنتين تحتها مفتوحة، وصوابه ما تقدم وكذلك ذكره في الزكاة على الصواب. ورواه مسلم: من ابتُلِي بشيء من البنات. بالمعنى الصواب، وكذا عند الترمذي (٣) وغيره.

وفي حديث أعمى وأبرص وأقرع أراد الله أن يبتليهم (٤). أي يختبرهم، وعند السمرقندي: أن يَبلِيهم: رباعي، أي يصيبهم ببلاء أي يختبرهم وينعم عليهم. في التفسير الصرح: كل بَلاط من القوارير.

كذا عند الأصيلي وابن السكن بباء مفتوحة، ولغيرهما: كل مِلاط. بميم مكسورة وهو وهم، والبلاط كل ما فرشت به الأرض من حجارة أو آخر وغير ذلك، وأما الملاط فالطين وسيأتي في بابه.

وأما ذكر البلاط في الحديث الآخر في قراءة عمرو في الرجم، فهو موضع قريب من المسجد بالمدينة وسيأتي في فصل المواضع من هذا الحرف.

وفي حديث أبي طلحة فأكل أهل البيت وأفضلوا ما بلّغوا جيرانهم. كذا لهم، وعند الطبري: أبلغوا. والأول أوجه معناه: أعطوهم بُلغة وهو ما يتبلغ به من الطعام وهو القليل، وعلى رواية: أبلغوا، أي أوصلوا إليهم من البلاغ ويكون من البُلغة أيضاً.

وفي باب تُبَلُّ الرَحِمُ بِبَلالها: لهم رحمٌ سأَبُلُّها بِبَلالها (٥). كذا وقع: ببلاها، وببلالها أصح وبلاها لا أعرف له وجهاً. كذا عند أبي ذر وبعضهم، وعند الأصيلي والنسفي: سابلها ببلالها. لا غير على الصواب وقد فسرناه.


(١) أخرجه مسلم في صفة الجنة حديث ٦٣.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ١٠، ومسلم في البر حديث ١٤٧، بلفظ: "من ابتُلي من هذه النبات بشيء".
(٣) انظر الترمذي في البر باب ١٣.
(٤) أخرجه البخاري في الأيمان باب ٨، وأحاديث الأنبياء باب ٥١، ومسلم في الزهد حديث ١٠.
(٥) تقدم الحديث مع تخريجه.

<<  <  ج: ص:  >  >>