للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَرْتَعُ (١). هي الأُنثى من الحُمُر، مفتوحة الهمزة، وجاء في بعض روايات البخاري: على حمارٍ أَتَانٍ. كذا ضبطها الأصيلي بتنوين الحرفين، ووجهه أن يكون أحدهما بدلًا من الآخر، أو وصفًا له لأنه جاء في حديث أَتَانٍ مفردًا فالأولى الجمع بينهما. قال لي شيخنا أبو الحسين سراج بن عبد الملك: يكون أتان وصفًا للحمار، ومعناه: صلب قوي، مأخوذ من الأتان وهي الحجارة الصلبة. قال لي: وقد يكون على بدل الغلط. قال القاضي : وقد يكون عندي على بدل البعض من الكل إذ قد يطلق حمار على الجنس فيشمل الذكر والأنثى، كما قالوا: بعير الذكر والأنثى. قال لي أبو الحسين: وقد يكون: حمارُ أتان غير منون على الإضافة أي حمار أنثى، وفحل أتن وفحلة. قال القاضي : وكذا وجدته مضبوطًا في بعض الأصول المسموعة على أبي ذر.

[(أ ت ي)]

قوله: جاء في هذه الأصول أَتَى وآتَى وآتِي وأَتيتُ وأَتَوْا وأُوتُوا وأُتُوا وَآتُوا مقصور وممدود، فحيثما جاء من الإتيان بمعنى المجيء فهو مقصور الهمزة وإذا كان بمعنى الإعطاء فممدود الهمزة.

وقوله: في حديث الهجرة: أُتَيْنَا رسولَ اللهِ. مقصور الهمزة مضمومها من الإتيان أي أُدركنا ووُصل إلينا.

وقوله: في النذر. فهو يُؤتى عليهما لم يُوْتَ من قبل. بضم الياء أي: يُعطى.

ومما يشكل من ذلك في باب كسوة المرأة بالمعروف قول عليٍّ: آتى إليَّ النبيُّ حُلةً سِيراء (٢)، هذا بمد الهمزة لأنه بمعنى أعطى، وإليَّ مشدد وبقية الحديث يدل عليه. وفي رواية النسفي: بعث بمعناه، وقد ضبطه بعضهم: بُعث إليَّ. على ما لم يسم فاعله وهو وهم، وفي كتاب عبدوس أهدى إليَّ النبيُّ، وجاء في مواضع منها اختلاف نذكره بعد.

وقوله: وطريقٌ مِئْتَاءٌ (٣) بكسر الميم ممدود وهمزة ساكنة وقد تسهل، أي: محجة ومعناه كثير السلوك عليها مفعال من الإتيان، يريد الموت، أي أن الناس كلهم يسلكونها. قال أبو عبيد: وبعضهم يقول فيه: طريق مأتيّ، أي يأتي عليه الناس، وكلاهما بمعنى قوله في باب أكل الثوم: وكان رسول الله يوتى، وتم الحديث عند أكثرهم، زاد في رواية: بالوحي، وفي أخرى: يعني يأتيه جبريل، وهو معناه هنا.

[فصل الاختلاف والوهم فيه]

ذكر البخاري في التفسير في قوله ﴿ائْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا﴾. أَعْطِيا ﴿قَالَتَا أَتَيْنَا﴾ [فصلت: ١١] أعْطَيْنا. قال القاضي : وليس أتى هنا بمعنى أعطى، وإنما هو من الإتيان والمجيء والانفعال للوجود بدليل الآية نفسها وبهذا فسر المفسرون أن معناه: جيئا بما خلقت فيكما وأظهراه، ومثله مروي عن ابن عباس، وقد روي عن سعيد بن جبير نحو ما ذكره البخاري،


(١) أخرجه البخاري في العلم باب ١٨، والصلاة باب ٩٠، والأذان باب ١٦١، والصيد باب ٢٥، ومسلم في الصلاة حديث ٢٥٤. ومالك في السفر حديث ٣٨.
(٢) أخرجه البخاري في النفقات باب ١١، ومسلم في اللباس حديث ٩، ١٧.
(٣) أخرجه البخاري في المظالم باب ٢٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>