للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال الباجي: إنما فعل ذلك عليه بسلامٍ لأنه كان عليه إزار.

[(ت ح ف)]

فيتحفونه (١): أي يوجهون إليه التحف ويخصونه بها. قال الحربي: والتحف ظرف الفاكهة واحدها تحفة. قال صاحب العين: وفي مبدلة الواو، إلا أنها تلزم في تصريف الفعل إلا في قولهم: يتوحف أي يتفكه. وفي إسلام أبي ذر قول أبي بكر: أتحفني بضيافة مما تقدم أي خصني بها كما يخص بالتحفة.

وقوله: فما تحفتهم (٢). قال: زيادة كبد النون هو من هذا الذي يهدى لهم، ويخصون به ويلاطفون.

[فصل الاختلاف والوهم]

وفي حديث أبي أسيد فسقته تتحفه بذلك (٣)، كذا عند النسفي وهو مما تقدم ولكافتهم تحفة بذلك مثل: لقمة، وكذا قيده الأصيلي. قال بعضهم: لعله تحفة مثل: ترده أي تعطيه، والوجه الأول الذي وافق الرواية، وفي رواية ابن السكن: تخصه، وكذا لرواة مسلم كلهم، وكله متقارب المعنى.

[التاء مع الراء]

[(ت ر ب)]

قوله: أما معاوية فرجل ترب لا مال له (٤) بفتح التاء وكسر الراء أي فقير، كما قال في الحديث الآخر: صعلوك لا مال له (٥)، يقال: ترب الرجل إذا افتقر وأترب إذا استغنى.

وقوله: تربت يداك (٦): أصله منه، واختلف في معناه وتفسيره فقال مالك: خسرت. وقال ابن بكير وغيره استغنت وأنكر هذا أهل اللغة، إذ لا يقال فيه إلا أترب. وقال الداودي: إنما هو ثربت بثاء مثلثة أي استغنت، وهي لغة للقبط جرت على ألسنة العرب، وهذا يرده صحيح الرواية في غير حديث، ومعروف كلام العرب وقيل: معناه ضعف عقلك أتجهلين هذا؟ وقيل: افتقرت يداك من العلم، وقيل: هو حضّ على تعليم مثل هذا، وقيل: معناه لله درّك، وقيل: امتلأت ترابًا، وقيل: تربت أصابها التراب والأصح في هذا أن هذا ومثله من الأدعية الموجودة في كلام العرب المستعملة كثيرًا لدعم الكلام وصلة وتهويل الخبر مثل: انج لا أبالك، وثكلتك أمك، وويل أمه مسعر حرب، وهَوَتْ أمه وعقرى حلقى والّ وغلّ، وشبهه لا تقصد به الدعاء، وإن كان أصله الدعاء، ثم جرى على ألسنتهم وكثر في استعمالهم في غير مواطن الدعاء والذمّ وأتوا به عند التعجب والاستحسان والتعظيم للشيء، ومنه في الحديث الآخر: ترب جبينك (٧) وأصله: القتيل يقتل فيقع على وجهه، ثم استعمل استعمال هذه الألفاظ.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٦/ ٣.
(٢) أخرجه مسلم في الحيض حديث ٣٤.
(٣) أخرجه البخاري في النكاح باب ٧٧.
(٤) أخرجه مسلم في الرضاع حديث ١٠٢، ١١٤.
(٥) أخرجه مسلم في الرضاع حديث ١٠٣ (الطلاق حديث ٣٦)، ومالك في الطلاق حديث ٦٧.
(٦) أخرجه البخاري في النكاح باب ١٥، ومسلم في الرضاع حديث ٤، ٦، ٨، ٥٣، ٥٤.
(٧) أخرجه البخاري في الأدب باب ٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>