للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبلت السماء وأوبلت، أو يكون ملتنا بالتخفيف من الامتلاء فسهل، وكذا عند التميمي فملأتنا أي: أوسعتنا سقيًا وريًّا. وفي حديث المستحاضة: ومركنها ملآن دمًا (١)، كذا عند التميمي وعند غيره: ملأ والأول الصواب.

[الميم مع الميم]

[(م م)]

قوله: وكان رسول الله إذا نزل عليه الوحي مما يحرك به شفتيه (٢)، كذا ذكره البخاري، وفي مسلم وكان كثيرًا مما يرفع رأسه إلى السماء معناه: كثيرًا ما يحرك به شفتيه وكثيرًا ما يرفع رأسه ومثله.

قوله: في الحديث الآخر في كراء المزارع، فمما يصاب ذلك وتسلم الأرض، ومما تصاب الأرض (٣) وتسلم هذه بمعنى ذلك أيضًا، وهي كلمة صحيحة بينة في هذا الحديث، ونحو منه في العبارة أيضًا في مسلم: كان مما يقول من رأى منكم رؤيا. قال ثابت في مثل هذا: كأنه يقول هذا من شأنه ودأبه فجعل كناية عن ذلك، يريد ثم أدغم النون. وقال غيره معنى مما هنا بمعنى ربما، وهو من معنى ما تقدم لأن ربما تأتي للتكثير أيضًا، وقد ذكرنا ذلك في بابه في فتح مكة. في مسلم وكان أبو هريرة مما يكثر أن يدعونا إلى رجله، وفيه في حديث النجوم أمنة السماء، وكان كثيرًا مما يرفع رأسه إلى السماء تكون مما هنا بمعنى ربما التي للتكثير، وقد تكون فيها زائدة.

[الميم مع النون]

فصل في الفرق بين مَنْ ومِنْ في هذه الكتب، وبيان ما أشكل من ذلك واختلفت فيه الرواية

اعلم أن من بالفتح من الألفاظ المبهة، ولا تأتي إلا اسمًا ولا تقع إلا لمن يعقل ويليها الفعل ولها ثلاثة معانٍ: الشرط والاستفهام وتأتي خبرًا موصولة بمعنى الذي، ولا تنفك في معانيها الثلاثة من تقدير الذي، وهي في الشرط والجزاء مستغرقة لعموم جنس ما وقعت عليه، والاسم بعدها مرفوع، وكذلك الفعل المضارع وفي الشرط والجزاء مجزوم. وأما مِنْ: بالكسر فحرف جر لا يليه إلا الاسم المجرور به، وله معانٍ أشهرها وأبينها التبعيض، ولا ينفك أكثر معانيها من شوب منه، وتأتي من مكان البدل، تقول كذا من كذا أي: بدله، وقيل ذلك في قوله ﷿ ﴿لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَةً﴾ [الزخرف: ٦٠] أي: بدلكم فمن التبعيض قوله : حبب إليَّ من دنياكم ثلاث (٤)، والحياء من الإيمان (٥)، وكذا وكذا من الإيمان، وثلاث مِنَ النِّفاق ولَيْسَ مِنَّا مَنْ فَعَلَ كذا ولم أَرَ عبقريًّا من الناس (٦) في أحاديث لا تنعد


(١) أخرجه أبو داود في الطهارة باب ١٠٧، والنسائي في الطهارة باب ١٣٣.
(٢) أخرجه البخاري في بدء الوحي باب ٤، والتوحيد باب ٤٣، وفضائل القرآن باب ٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في الحرث باب ٧.
(٤) أخرجه النسائي في عشرة النساء باب ١.
(٥) أخرجه البخاري في الإيمان باب ٣، ١٦، والأدب باب ٧٧، ومسلم في الإيمان حديث ٥٧ - ٥٩، ومالك في حسن الخلق حديث ١٠.
(٦) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب ٥، ٦، والتعبير باب ٢٨، ٢٩، والتوحيد باب ٣١، والمناقب باب ٢٥، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٧، ١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>