للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وتشديد الواو وسكون الهاء، وقيل: بمد الهمزة قالوا: ولا موضع لمدها إلا لبعد الصوت، وقيل: بسكون الواو وكسر الهاء، ومن العرب من يمد الهمزة ويجعل بعدها واوين اثنين فيقول: اووه. وكله بمعنى التذكر والتحزن، ومنه ﴿إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ﴾ [التوبة: ١١٤] في قول أكثرهم: أي كثير التأوه شفقًا وحزنًا، وقيل: أواه دَعَّاء وهو يرجع إلى قريب منه. وأنشد البخاري:

تأوَّه أهَّة الرجل الحزين (١)

كذا للأصيلي مشددًا وللقابسي وأبي ذر: آهة. بالمد وكلاهما صواب أي توجع الرجل الحزين، وفي رواية ابن السماك عن المروزي أوهة. وهو خطأ.

[(أ و ي)]

قوله: أما أحدهما فأوى إلى الله فآواه الله (٢). أشهر ما يقرأه الشيوخ بقصر الألف من الكلمة الأولى ومدها في الثانية المعداة، وفي كل واحد من الكلمتين عند أهل اللغة الوجهان ثلاثيًا كان أو رباعيًا معدى كان أو غير معدى، لكن المد في المعدى أشهر والقصر في غير المعدى أعرف، ومثله: إذا أويت إلى فراشك (٣). و: أووا إلى المبيت في غار (٤). و: يؤوي هؤلاء. و: الحمد لله الذي أطعمنا وكفانا وآوانا (٥). بالمد عند أكثرهم، و: كم ممن لا مؤوي له (٦). و: حتى يؤووه إلى منازلهم (٧). كله مما جاء في هذه الأمهات بمعنى الانضمام والضم، ومعنى آواه الله في الحديث: ظاهره أنه لما انضم إلى المجلس وقصده جعل الله له فيه مكانًا وفسحة، وقيل: قربه إلى موضع نبيه، وقيل: يحتمل أن يؤويه يوم القيامة في ظل عرشه.

وقوله: ومأوى الحيات والهوام (٨): أي أماكنها التي تنضم فيها. وفي الحديث الآخر في السجود: حتى نأوي له (٩) أي نرثي ونرق، وقيل: معنى الحمد لله الذي آوانا. أي رحمنا وعطف علينا، و: كم ممن لا مؤوي له: أي لا راحم ولا عاطف، وعلى المعنى الأول أي الذي ضم شملنا وجعل لنا مواطن ومساكن نأوي إليها، وكم ممن لا موطن له ولا مسكن ولا من ينعم عليه بذلك فهو ضائع مهمل، والمأوى: المسكن بفتح الواو مقصور وكل شيء يؤوى إليه، إلا مأوى الإبل فبكسر الواو خاصة، ولم يأتِ مفعِل بكسر العين في الصحيح من مصادر الثلاثيات من الأفعال


(١) صدره: إذا ما قمت أرحَلُها بليلٍ
والبيت من الوافر، وهو للمثقب العبدي في ديوانه ص ١٩٤.
(٢) أخرجه البخاري في العلم باب ٨، والصلاة باب ٨٤، ومسلم في السلام حديث ٢٦١، ومالك في السلام حديث ٤.
(٣) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٣٤.
(٤) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء باب ٥٣.
(٥) أخرجه مسلم في الذكر حديث ٦٥.
(٦) أخرجه أبو داود في الأدب باب ٩٨، والترمذي في الدعوات باب ١٦.
(٧) أخرجه البخاري في الحدود باب ٤٢، والبيوع باب ٥٤، ٥٦، ومسلم في البيوع حديث ٣٧.
(٨) أخرجه مسلم في الإمارة حديث ١٧٨.
(٩) أخرجه أبو داود في الصلاة باب ١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>