للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخطبة، وتأتي للتقليل كقوله: وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة (١)، والْتَمِسُ وَلَوْ خَاتِمَاً مِنْ حَدِيد (٢)، وتأتي لو بمعنى هلا، كقوله ﴿لَوْ شِئْتَ لَاتَّخَذْتَ عَلَيْهِ أَجْرًا﴾ [الكهف: ٧٧] قال الداودي: معناه هلا اتخذت؟ وهذا التفات إلى المعنى لا إلى اللفظ، ولو ليست بمعنى هلا، وإنما تلك لولا.

وقوله: أن لو تفتح عمل الشيطان (٣) أي: إن قولها واعتياد معناها يظهر الطعن على القدر، ويفضي بالعبد إلى ترك الرضى بما أراده الله، لأن القدر إذا ظهر بما يكره العبد قال: لو فعلت كذا لم يكن كذا، وقد مر في علم الله أنه لا يفعل إلا ما فعل، ولا يكون إلا الذي كان. وقول البخاري: ما يجوز من اللو يريد ما يجوز من قول: لو كان كذا كان كذا، فأدخل على لو الألف واللام التي للعهد، وذلك غير جائز عند أهل العربية، إذ لو حرف وهما لا يدخلان على الحروف، وكذلك عند بعض رواة مسلم، فإن لو تفتح عمل الشيطان. منون، والصواب ما للجمهور، فإن لو وقد جاءت في الشعر مثقلة الواو كقوله:

إن ليتاً وإن لوا عناء (٤)

وذلك لضرورة الشعر.

[(وأما لولا)]

فكلمة تأتي لذكر المسبب المانع أو الموجب، إذا كان لها جواب، وهذا أحسن من قول من قال من النحاة إنها لامتناع الشيء الوجوب غيره، فإنها قد تأتي لوجوب الشيء الوجوب غيره، ولامتناع الشيء لامتناع غيره، فأما امتناعه لوجوب غيره فكقوله: لولا الهِجْرة لَكُنْتُ أَمْرَءاً مِنَ الأَنْصَارِ (٥)، ولولا حَدَثَانِ قَوْمِكَ بِالكُفْرِ لأَتْمَمْتُ البَيْتَ على قَوَاعِدَ إِبْراهِيمَ (٦) وكثير مثله. وتأتي بمعنى هلا إذا كانت بغير جواب، كقوله تعالى ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ﴾ التوبة: ١٢٢] وكقوله في حديث معاذ: فلولا صليت ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ [الأعلى: ١] (٧).

وقوله: في حديث خيبر: لَوْلاً أَمْتَعْتَنَا بِهِ (٨)، وقد تكون هنا لا زائدة، وكذلك إذا لم تحتج إلى جواب. ولو ما مثلها في الوجهين وسنذكرها بعد، وأما مجيئها لوجوب الشيء


(١) أخرجه البخاري في الأدب باب ٣٤، والزكاة باب ١٠، والرقاق باب ٥١، والتوحيد باب ٣٦، ومسلم في الزكاة حديث ٦٦، ٦٧، ٦٨، ٧٠.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح باب ٣٢، ٤٠.
(٣) أخرجه مسلم في القدر حديث ٣٤، ومالك في الأشربة حديث ١٥.
(٤) صدر البيت:
ليت شعري وأين مني ليت
والبيت من الخفيف، وهو لابن زبيد الطائي في ديوانه ص ٢٤.
(٥) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب ٢، ٤٥، والتمني باب ٩، ومسلم في الزكاة حديث ١٣٩، والمغازي حديث ٥٦.
(٦) أخرجه البخاري في الحج باب ٤٢، وأحاديث الأنبياء باب ١٠، وتفسير سورة ٢، باب ١٠، ومسلم في الحج حديث ٣٩٩ - ٤٠٤، ومالك في الحج حديث ١٠٤.
(٧) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ٦.
(٨) أخرجه البخاري في المغازي باب ٣٨، والديات باب ١٧، ومسلم في الجهاد حديث ١٢٣، ١٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>