للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث مسلم، ويتأول في ذلك ما يتأول في الرواية المشهورة: إن تلد ربتها (١). وسيأتي في حرف الراء، والبعل: الرب والمالك. ومنه قيل: بعل المرأة لملكه عصمتها، وقيل ذلك في قوله تعالى ﴿أَتَدْعُونَ بَعْلًا﴾ [الصافات: ١٢٥] أي إلهًا وربًّا مع الله. وقد ذكره البخاري في التفسير: وقيل: صنم مخصوص. ومعناه: أن يكثر أولاد السراري فيكون ولدها بمنزلة ربها في الحسب، وقيل: يفشوا العقوق حتى يكون الابن كالمولى لأُمه تسلطًا، وقيل: سمي بذلك لأنه سبب إليها عتقها فصار كربها المنعم عليها به، وقيل: يقل التحفظ، وتُباع أمهات الأولاد حتى قد يملكها ابنها ولا يعلم أنها أُمه وكذلك على ظاهر لفظ البعل يتزوجها ابنها وهو لا يعلمها.

وقوله: في البعل العشر (٢): المراد في الحديث هنا ما لا يحتاج إلى سقي، وإنما يشرب بعروقه من ثرى الأرض، وهذا هو البعل حقيقة وكذلك حُكْم العثري في الزكاة أيضًا حُكْمَ البعل، وهو الذي يسقى من ماء الأمطار ويعثر له بأهداب مجاري السيول من الأمطار، وبهذا فسر ابن قتيبة البعل وأنه والعثري سواء، والأصمعي وأبو عبيدة يفرق بينهما.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله: انفجنا أرنبًا (٣): أي أثرناها من مجثمها فنفجت أي وثبت وعدت. كذا رواية الكافة فيه في الصحيحين بالنون والفاء والجيم، وروى أبو عبد الله المازري هذا الحرف في كتابه: بعجنا: بفتح الباء بواحدة بعدها عين مهملة، وفسره شققنا بطنها والتفسير صحيح لكنه تصحيف قبيح ولا يصح هنا، ألا ترى قوله في بقية الحديث: فسعوا عليه فلغبوا. قال: فسعيت أدركتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها. ولو أخذوها أولًا وشقوا بطنها لم يسع بعد ولا سعوا وراءها حتى لغبوا، ولا احتاجوا إلى أخذها ثانية وذبحها، ولم يذكر أحد هذه الرواية سواه.

في حديث عمرو بن العاصي: إن أفضل ما بعد شهادة أن لا إله إلا الله (٤). كذا عند العذري ولغيره: نعد بالنون وهو الصواب، وليس في الحديث لأن خبر، إلا قوله: شهادة إلا إله إلا الله.

وقوله في الموطأ في الإحصان: في العبد يتزوج الحرة فإن فارقها بعد أن يعتق فليس بمحصن (٥). كذا لابن أبي صفرة وهو وهم، وصوابه ما لسائر رواة الموطأ: قبل أن يعتق.

في مسلم في الوصية بالثلث: فكان بَعْدُ الثلث جائزًا. كذا لكافة شيوخنا، وعند ابن الحذّاء: يعد. والأول أوجه.

وفي باب فضل صلاة العشاء في الجماعة: فأحرق على من لم يخرج إلى الصلاة بعد (٦). كذا لأبي ذر، وعنده لأبي الهيثم: يقدر. وهي


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٣١ باب ٢، ومسلم في الإيمان حديث ١.
(٢) أخرجه مالك في الزكاة حديث ٣٣، بلفظ: فيما سقت السماء … أو كان بعلًا العُشْر".
(٣) أخرجه البخاري في الهبة باب ٥، والذبائح باب ١٠، ٣٢، ومسلم في الصيد حديث ٥٣.
(٤) انظر البخاري في الإيمان باب ٢، ٤٠، والتوحيد باب ٥٦، ومسلم في الإيمان حديث ٢١، ٢٢، ٢٩،٢٤،٢٣.
(٥) أخرجه مالك في النكاح حديث ٤٠.
(٦) أخرجه البخاري في الأذان باب ٢٩، ٣٤، والخصومات باب ٥، والأحكام باب ٥٢، ومسلم في المساجد حديث ٢٥١ - ٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>