للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بمعنى هات، قال بعضهم: ويكون معى أرِني سيلان الدم. قال القاضي : أفادني بعض من لقيناه من أهل الاعتناء بهذا الباب أنه وقع على أصل اللفظة وصحيحها في كتاب مسند علي بن عبد العزيز وفيه: فقال: أدْنى أو اعجل ما أنهر الدم. كأن الراوي شك في أي اللفظين قال منهما، وأن مقصد الذبح بما يسرع القطع وجري الدم وإراحة الذبيحة مما لا يترد ولا يخنق (١).

وقوله: إن بعض النخاسين يسمي آرِيَّ خراسان وسجستان (٢). بهمزة مفتوحة ممدودة وراء مكسورة وياء مشددة، كذا صوابه وكذا قيده الجرجاني، ووقع عند المروزي أَرَى بفتح الهمزة والراء، مثل دعا وليس بشيء وهو مربط الدابة، وقيل: معلفها قاله الخليل، وقال الأصمعي: هو حبل يدفن في الأرض ويبرز طرفه يشد به الدابة، وأصله من الحبس والإقامة من قولهم: تَأَرَّى الرجل بالمكان إذا أقام به، وقال ابن السكيت: مما يضعه العامة غير موضعه قولهم للمعلف: أرَى، وإنما هو محبس الدابة وهو الأَوارى والأواحى، واحدها: أحى وأرى على مثال فاعول، ومعنى ما أراد البخاري أن النخاسين كانوا يسمون مرابط دوابهم بهذه الأسماء ليدلسوا على المشتري بقولهم: كما جاء من خراسان وسجستان يعنون مرابطها، فيحرص عليها المشتري ويظنها طرية الجلب، وأرى أنه نقص من الأصل بعد آرِيَّ لفظ: دوابهم.

في كتاب الاعتصام قوله: يا معشر يهود أسلموا تسلموا، قالوا: بلّغت يا أبا القاسم قال: ذلك أريد أسلموا تسلموا (٣). كذا للرواة أُرِيد بالراء وعند المروزي: فقال: أزيد. بالزاي وإسقاط ذلك، والصواب الأول، أي أريد اعترافكم أني قد بلّغت لكم، أو أني قد خرجت عن العهدة بالتبليغ وأداء ما ألزمني الله منه.

[الهمزة مع الزاي]

[(أ ز ر)]

قوله: أُزْرة المؤمن (٤). أكثر الشيوخ والرواة


(١) قال في النهاية ١/ ٤١: هذه اللفظة قد اختلف في صيغتها ومعناها. قال الخطابي: هذا حرف طال ما استثبت فيه الرواة وسألت عنه أهل العلم باللغة، فلم أجد عند واحد منهم شيئًا يقطع بصحته. وقد طلبت له مخرجًا فرأيته يتجه لوجوه، أحدها: أن يكون من قولهم أرَان القوم فهم مرينون إذا هلكت مواشيهم فيكون معناه: أهْلِكْها ذبحًا وأزهق نفسها بكل ما أنهر الدم غير السن والظفر، على ما رواه أبو داود في السنن بفتح الهمزة وكسر الراء وسكون النون. والثاني: أن يكون بوزن إئرَنْ بوزن إعْرَنْ، من أرِنَ يأْرَنُ إذا نشط وخف. يقول: خفَّ وأعْجلْ لئلا تقتلها خنقًا، وذلك أن غير الحديد لا يمور في الذكاة مَوْرَة. والثالث: أن يكون بمعنى أدِمْ الحزَّ ولا تفتر. من قولك: رنوت النظر إلى الشيء إذا أدمته، أو يكون أراد أدم النظر إليه وراعه ببصرك لئلا تزلّ عن الذبح. وتكون الكلمة بكسر الهمزة والنون وسكون الراء، بوزن إرْم. وقال الزمخشري: كل ما علاك وغلبك فقد ران بك، ورِين بفلان: ذهب به الموت، وأران القوم إذا رين بمواشيهم: أي هلكت. وصاروا ذوي رَيْن في مواشيهم، فمعنى إرْنِ أي صِرْ ذا رَيْن في ذبيحتك. ويجوز أن يكون أران تعدية رَان: أي أزْهِقْ نفسها.
(٢) أخرجه البخاري في البيوع باب ١٩.
(٣) أخرجه البخاري في الجهاد باب ١٧٩، والجزية باب ٦، والاعتصام باب ١٨، ومسلم في الجهاد حديث ٦١.
(٤) أخرجه مالك في اللبس حديث ١٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>