للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والرباعي أفصح، وقد يكون من المعنى الأول. قال الهروي: يقال: غامت السماء وأغامت وتغيمت وغيمت وغيمت وغينت وغمت وأغمت، وزادنا شيخنا أبو الحسن: غمت وأغمت مخففان، فعلى هذا يصح غمى وأغمي من الغيم والغمام، وأنكر أبو زيد: غامت وصححها غيره، وقد جاء في كتاب أبي داود: فإن حالت دونه غمامة فهذا تفسير لذلك في الحديث نفسه، وكان في رواية الصدفي من شيوخنا، والخشني عن الطبري في كتاب مسلم في حديث ابن معاذ: عمي بالعين المهملة أي: التبس. وقد فسرناه في بابين قبل، وذكره البخاري في حديث أبي هريرة في باب: إذَا رَأَيْتُم الهلالَ فَصُومُوا عني: بضم الغين، كذا للأصيلي والقابسي ولأبي ذر: غبي بفتحها أي: خفي، وقد ذكرناه في بابه.

وقوله: يستسقى الغمام بوجهه (١) هو السحاب. قال نفطويه: هو الغيم الأبيض، سمي بذلك لأنَّه يغم السماء أي: يسترها. وقيل: سمي بذلك من أجل لقاحه بالماء؛ لأنَّه يغمه في جوفه. قال شمر: ويجوز أن يسمى غمامًا من أجل غمغمته وهو صوته، والغمام واحد وجماعة واحدتها غمامة. في كتاب النكاح، في الهدية للعروس قول أنس في خبر الذين أطالوا الجلوس عند النبي في وليمة زينب، فجعلت أغتم لذلك (٢) مشدد الميم أي: أصابني الغم لتأذي النبي بذلك، ورأيت بعض الشارحين قد اختلط عليه ضبطه، حتى لم يعرف معناه. وقال: أظنه أعتم بعين غير معجمة وتاء مكسورة مخفف الميم، وفسره بمعنى أبطئ ولا معنى له هنا. وإنما أراد أنس أنه اغتم لاغتمام رسول الله ، وشغل سره بالذين قعدوا يتحدثون في بيته، وتأذيه من ذلك واستحيائه منهم، كما قال تعالى ﴿إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ﴾ [الأحزاب: ٥٣] الآية، ومنه قوله في حديث آخر: مغمومًا. وقوله تعالى ﴿مِنْ بَعْدِ الْغَمِّ﴾ [آل عمران: ١٥٤] وسمي غمًّا لاشتماله على القلب.

وقوله: تأتي البقرة وآل عمران كأَنهما غَمَامَتَانِ أَوْ غَيَايَتَانِ (٣) بميمين في الأول وياءين باثنتين تحتهما في الثاني هما بمعنى.

[(غ م ص)]

قوله: أغمِصه (٤): بكسر الميم أي: انتقده وأعيبه، والغمص عيب الناس واستحقارهم، وأصله الطعن بالقول السوء.

وقوله: لا أرى إلا مغموصًا عليه (٥) أي: مطعونًا عليه بالنفاق.

وقوله: في أم سليم وهي أم أنس الغميصاء هي التي في عينها غمص، وهو مثل الرمص،


(١) البيت بتمامه:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه … شمال اليتامى عصمة للأراملِ
والبيت من الطويل، وهو لأبي طالب في خزانة الأدب ٢/ ٦٧،٦٩ والحديث أخرجه ابن ماجه في الإقامة.
(٢) أخرجه البخاري في النكاح باب ٦٤.
(٣) أخرجه مسلم في المسافرين حديث ٢٥٢، ٢٥٣.
(٤) أخرجه أحمد في المسند ٤/ ١٥٥.
(٥) أخرجه البخاري في المغازي باب ٧٩، ومسلم في التوبة حديث ٥٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>