الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه الكرام المنتجبين.
وبعد.
فهذا كتاب "مشارق الأنوار على صحاح الآثار" للقاضي عياض بن موسى، وهو كتاب فريد من نوعه، حيث قام المؤلف بفحص وتصحيح متون الأحاديث النبوية في الصحاح الثلاثة:"الموطأ" للإمام مالك بن أنس، "الجامع الصحيح" للإمام أبي عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، و"صحيح مسلم" للإمام أبي الحسين مسلم بن الحجاج.
وقال المؤلف في مقدمته: "ولم يؤلف في هذا الشأن كتاب مفرد إلا ما صنعه الإمام أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني في تصحيف المحدثين، وأكثره مما ليس في هذه الكتب (أي الكتب الثلاثة: صحيح البخاري وصحيح مسلم وموطأ مالك) وما صنعه الإمام أبو سليمان الخطابي في جزء لطيف، وإلا نكتًا متفرقة وقعت أثناء شروحها لغير واحد، ولو جمعت لم تشف غليلًا ولم تبلغ من البغية إلا قليلًا … وقد رأيت ترتيب تلك الكلمات على حروف المعجم أيسر للناظر وأقرب للطالب، فإذا وقف قارئ كتاب منها على كلمة مشكلة أو لفظة مهملة فزع إلى الحرف الذي في أولها إن كان صحيحًا. وإن كان من حروف الزوائد أو العلل تركه وطلب الصحيح، وإن أشكل وكان مهملًا طلب صورته في سائر الأبواب التي تشبهه حتى يقع عليه هنالك، فبدأت بحرف الألف وختمت بالياء على ترتيب حروف المعجم عندنا، ورتبت ثاني الكلمة وثالثها من ذلك الحرف على ذلك الترتيب رغبة في التسهيل للراغب والتقريب، وبدأت في أول كل حرف بالألفاظ الواقعة في المتون المطابقة لبابه على الترتيب المضمون … فإن كان الحرف مما اختلفت فيه الروايات نبهنا على ذلك وأشرنا إلى الأرجح والصواب … وترجمنا فصلًا في كل حرف على ما وقع فيها من أسماء أماكن وبلاد يشكل تقييدها … ويقع فيها لكثير من الرواة تصحيف يسمج … ثم نعطف على ما وقع في المتون في ذلك الحرف بما وقع في الإسناد من النص على مشكل الأسماء والألقاب ومبهم الكنى والأنساب …