للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قول شريح: لا تضمن يعني الدابة ما عاقبت إن تضربها تضرب بسبب ذلك برجلها (١)، وهو كلام صحيح، ومعنى عاقبت هنا أي: فعلت ذلك من أجل فعلك بها، كما فسرناه قبل في معنى العقاب، وعند ابن السكن: إلا أن تضربها وهذا صحيح على مذهب مالك وجماعة غيره، وليس هو مذهب شريح، ومذهب شريح ما تقدم أنه لا يضمن، ورواه بعضهم: إذا عاقبت أن تضربها أي: إذا لم تضربها نحو رواية ابن السكن، وكله وهم لما ذكرناه من مذهب شريح المعلوم. وفي تسوية الصفوف. كان رسول الله يسوّي صفوفنا حتى رئي أنا عقلنا عنه (٢)، كذا لهم، أي: فهمنا، وعند ابن الحذاء: غفلنا وهو وهم. وفي دية العبيد قوله: القصاص بين العبيد في قطع اليد والرجل، وأشباه ذلك بمنزلته في العقل، كذا لابن وضاح، وبعض رواة يحيى، وفي كتب كثير من شيوخنا، ورواه المهلب، وابن فطيس، وابن المشاط بمنزلته في القتل، وهي صحيح رواية عبيد الله وهو الصواب.

[العين مع السين]

[(ع س ب)]

قوله: نهى عن عسب الفحل (٣): بفتح العين وسكون السين، هو كراء ضرابه، والعسب نفسه الضراب، وهذا قول أبي عبيد. وقال غيره: لا يكون العسب إلا الضراب، والمراد الكراء عليه، لكنه حذفه وأقام المضاف إليه مقامه كما قال ﴿وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ﴾ [يوسف: ٨٢]، وقيل: العسب ماء الفحل.

وقوله: متكئًا على عسيب (٤)، وجعلت أتتبعه يعني القرآن في اللخاف والعسب (٥)، جمع عسيب وهو سعف النخل، وهو الجريد، وهو عود قضبان النخل، كانوا يكشطون خوصها ويتخذونها عصيًّا، وكانوا يكتبون في طرفه العريض منه، وتقدم تفسير اللخاف.

[(ع س ر)]

قوله: في بعض الروايات: كنت أقبل الميسور وأتجاوز عن المعسور (٦). قال أبو عبيد: هما مصدران، ومثله: ما له معقول أي: عقل وحلفت محلوفًا ومعناه عن ذي اليسر، وذي العسر، كما قال في الحديث الآخر: المعسر والموسر، وغزوة العُسرة (٧): بضم العين وسكون السين المهملة هي غزوة تبوك، وأما غزوة العشيرة فغزوة بني مدلج، وقد ذكرناها في حرف الدال والاختلاف في ضبطها، وسميت غزوة العسرة لمشقة السفر فيها حينئذ، وعسره على الناس لأنها كانت زمن الحر، ووقت طيب الثمار، ومفارقة الظلال، والسفر في الحر يشق ويعسر، وكانت كما قال


(١) أخرجه البخاري في الديات باب ٢٩.
(٢) أخرجه مسلم في الصلاة حديث ١٢٨.
(٣) أخرجه البخاري في الإجارة باب ٢١.
(٤) أخرجه البخاري في التوحيد باب ٢٨، وتفسير سورة ١٧، باب ١٣، ومسلم في المنافقين حديث ٣٢.
(٥) أخرجه البخاري في القرآن باب ٣، والأحكام باب ٣٧، وتفسير سورة ٩، باب ٢٠.
(٦) أخرجه مسلم في المساقاة حديث ٢٧.
(٧) انظر البخاري في المغازي باب ٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>