للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خليفة: كتبت إلى ابن عباس أن يكتب إلي ويحفي عني، ثم ذكر عن ابن عباس اختار له الأمور اختيارًا وأحفى عنه، كذا روايتنا فيه عن أبي بحر، وأبي علي من شيوخنا: بالحاء المهملة، وقيدناه عن ابن أبي جعفر، وعن التميمي بالمعجمة، وهو الذي صوبه لنا بعض شيوخنا من غير رواية، وقال: لعله بالخاء المعجمة ومعناه عندي على هذا: لا تحدثني بكل ما رويته ولكن أخفِ عني بعضه، مما لا أحتمله ولا تراه لي صوابًا، ويعضده قول ابن عباس: اختار له الأمور اختيارًا، ويظهر لي أن الصواب الرواية الأولى، ويكون الإحفاء النقص من إحفاء الشوارب وهو جزها ويكون بمعنى الإمساك من قولهم: سألني فحفوته أي: منعته، أي: أمسك عني بعض ما معك مما لا أحتمله، وقد يكون الإحفاء أيضًا بمعنى الاستقصاء من إحفاء الشوارب، وعني هنا لك بمعنى علي أي: استقصِ ما تخاطبني به ونخله، وجواب ابن عباس يدل عليه، وذكر المفجع اللغوي في كتابه المنقد أحفى فلان بفلان إذا أربى عليه في المخاطبة، ومنه أحفوه في المسألة أي: أكثروا فكأنه يقول له: ويحفي عني يقول: لا تكثر عليَّ، وعن الأكثر عني والله أعلم، في فتح مكة: احصدوهم حصدًا وأحفى بيده على الأخرى، كأنه أشار إلى المبالغة. وفي الحديث: إنَّ الله يحبّ العبدَ التَّقِي الحفِيّ، كذا هو عند العذري: بحاء مهملة ولغيره: بالمعجمة، وهو الصواب.

وقوله: في حديث ابن أبي شيبة في الإيمان والاسلام: وإذا كانت العراة الحفاة رؤوس الناس: بالحاء المهملة جمع حافٍ كذا لكافتهم كما في غير هذه الرواية، وعند ابن الحذّاء الحفدة مكان الحفاة ومعناه هنا: الخدمة كما قال في الحديث الآخر: رعاء الشاة.

[الحاء مع القاف]

[(ح ق ب)]

قوله: وأحقبها خلفه (١): أي: أردفها وراءه وجعلها مكان الحقيبة، كذا رويناه، ورواه بعضهم: أعقبها وهو بمعناه أي: جعلها خلفه.

وقوله: ونحن خفاف الحقائب (٢) جمع حقيبة وهي ما يشد في مؤخرة الرحْل، يرفع فيها الرجل متاعه وما يحتاج إليه، ومنه: احتقب فلان خيرًا أو شرًا، كأنه رفعه في حقيبته لوقت الحاجة، وفي الحديث: فانتزع طلقًا من حقبة (٣)، الحقب: هو الحبل يشد وراء البعير، وضبطه بعضهم حقبه بالسكون أي: مما احتقبه، وقد ذكرنا هذا الخبر والاختلاف فيه، والوهم في حرف الجيم والعين.

[(ح ق ل)]

فيها المحاقلة (٤): وهو مفسر في الحديث كراء الأرض للزراعة بالزرع، وقيل: بجزء مما يخرج منها، وقيل: بيع الزرع بالحنطة كيلًا كالمزابنة في الثمار، وبذلك فسره جابر في حديث مسلم. وقيل: بيع الزرع قبل طيبه،


(١) أخرجه البخاري في الحج باب ٣٠.
(٢) أخرجه مسلم في الحج حديث ١٩٣.
(٣) أخرجه مسلم في الجهاد حديث ٤٥.
(٤) انظر البخاري في البيوع باب ٨٢، ٩٣، والمساقاة باب ١٧، ومسلم في البيوع حديث ٥٩، ٨١، ٨٥، ١٠٤، ١٠٥، ١١٣، ومالك في البيوع حديث ٢٤، ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>