للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقال: وترته أي: نقصته. وقيل: معناه أصابه ما يصيب الموتور. وقال مالك: معناه ذهب بهم، انتزعوا منه. وقيل: أصيب بهم إصابة يطلب فيها وترًا، يجتمع عليه غمان: غم المصيبة وغم الطلب، ومقاساته وأهله وماله، منصوب على المفعول الثاني، وعلى من فسره: يذهب يصح رفعهما على ما لم يسم فاعله.

وقوله: فإن الله لن يترك من عملك شيئًا (١): بكسر التاء وفتح الراء، مستقبل وتر أي: لن ينقصك. قال الله تعالى ﴿وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ﴾ [محمد: ٣٥] ويكون بمعنى يظلمك. يقال: وتره إذا ظلمه.

وقوله: قلدوا الخيل، ولا تقلدوها الأوتار (٢). قيل: معناه جمع، وتر من الذحل أي: لا تطلبوا عليها الأوتار، وهي الذحول، كما كانت تفعله الجاهلية. وقيل: لا تقلدوها أوتار القسيّ فتنخنق بها، مهما رعت وعلقت بغصن، وهو تأويل محمد بن الحسن. وقيل: معناه العين. وهو تأويل مالك، ومنه: لا تبقين في رقبة بعير قلادة من وتر، إلا قطعت (٣) على أحد التأويلين.

وقوله: في قضاء رمضان أحب إلي أن يواتر (٤) يعني: يوالي ويتابع. قال الأصمعي: لا تكون المواترة متواصلة حتى يكون بينهما شيء، ولهذا ذهب بعضهم إلى أن معنى قول ابن مسعود: ويواتر قضاء رمضان، أن يصوم يومًا ويفطر يومًا أو يومين ويومين، واحتج أيضًا بقوله في حديث آخر: لا بأس أن يواتر قضاء رمضان، فدل أنه أراد تفريقه، إذ لا يختلف في جواز متابعته. قال القاضي رحمه الله تعالى: ما قاله الأصمعي في المواترة أنها لا تكون مواصلة، حتى يكون بينها شيء من تفريق، فصحيح، لكن هذا موجود في متابعة الصوم، ومواترته على ما قاله مالك وغيره، لأن فطر الليل فرق بين صوم اليومين، ولا يقالا لمن واصل ولم يفطر: واتر. ومنه قوله: جاءت الخيل تترا إذا جاءت متقطعة، كما قال الله تعالى ﴿ثُمَّ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا تَتْرَى [المؤمنون: ٤٤] أي: شيئًا بعد شيء متقاربة الأوقات.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله: في الموطأ في المساقاة بعين واتنة غزيرة، ثم قال: الواتنة الثابت ماؤها الذي لا يغور ولا ينقطع، كذا عند الأصيلي وابن عتاب: بتاء باثنتين فوقها بعدها نون، وكذا كان عند الطلمنكي ولسائر الرواة واثنه بثاء مثلثة، وهما صحيحان والأشهر الأول وبالوجهين قرأها ابن بكير، والماء الدائم: وتن يتن دام ووتن الرجل بالمكان أقام. قال ابن دريد: وقال قوم: فيه وثن بالثاء مثل: وتن وليس يثبت.

وقوله: لا تبقينَّ في رقبة بعير قلادة من وتر، كذا عند يحيى، عند جميع شيوخنا، وعند القعنبي وابن القاسم: بالتاء باثنتين فوقها، وعند مطرف وبر: بالباء، وحكى بعضهم: أنها رواية يحيى، وعند ابن بكير، وبر أو وتر على الشك، من ابن بكير. وفي نسخة عنه: إسقاط اللفظة.


(١) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٣٦، والهبة باب ٣٥، ومناقب الأنصار باب ٤٥، والأدب باب ٩٥، ومسلم في الإمارة حديث ٨٧.
(٢) أخرجه أبو داود في الجهاد باب ٤٥، والنسائي في الخيل باب ٣.
(٣) أخرجه البخاري في الجهاد باب ١٣٩، ومالك في صفة النبي حديث ٣٩.
(٤) أخرجه مالك في الصيام حديث ٤٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>