للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بعضها ببعض، ويستعار لها ذلك. وفي التفسير: نسياً (١) قال: النسي: الحقير، كذا لهم، وعند الأصيلي: السيئ: الحقير، يريد تفسير النسي، وكلاهما صحيح بمعنى. وفي حديث إماطة الأذى عن الطريق: افعل كذا، كذا أفعل، كذا أبو بكر نسيه وأمر الأذى عن الطريق، كذا لهم، وهو الصحيح، وعند العذري أبو بكر فسره وهو تصحيف. وفي حديث جابر في الحج: فقام في نساحة، كذا عند الفارسي وضبطه التميمي: بكسر النون وفتح السين، وكذا رواه أبو داود، وفسره في حديثه يعني: ثوباً ملففاً، والذي عند ابن ماهان وغيره، من رواهُ مسلم في نساجة (٢) وهو الصحيح، وهو ثوب. وقيل: الطيلسان الغليظ الخشن. وفي تفسير هل أتى: كان نسياً ولم يكن مذكوراً، كذا لابن السكن، ولغيره كان شيئاً وهو الصحيح؛ لأنَّه إنما فسر بذلك.

قوله: ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١] أي: إنما كان عدماً، وقد اختلف المتكلمون في إطلاق الشيء على المعدوم، ومذهب متكلمي أهل السنة: أنه لا يطلق على المعدوم وغيرهم يطلقه. في المغازي: في قتل ابن الأشرف: عندي أعطر نساء العرب (٣)، وعند المروزي: أعطر سيد العرب وهو وهم. وفي الفتن قول حذيفة وذكرها أنه ليكون منه الشيء قد نسيته فأذكره، كما يذكر الرجل وجه الرجل إذا غاب عنه، ثم إذا رآه عرفه، كذا في الأصل بغير خلاف. قيل: صوابه كما ينسى الرجل وجه الرجل، أو كما لا يذكر الرجل وجه الرجل، وبه يستقل الكلام.

[النون مع الشين]

[(ن ش أ)]

قوله: أنشأ يحدثنا، ونشأت سحابة (٤)، وأنشأ رجل من المسجد (٥)، ونشأت بحرية (٦)، كله ابتداء، يقال: نشأت السحابة تنشأ، إذا ابتدأت في الارتفاع، وأنشأت: بدأت بالمطر، وضبطنا في بحرية وجهين الرفع على الفاعل والنصب على الحال، وأنكر بعض أهل اللغة: أنشأت السحابة. وقال: إنما يقال: نشأت ولم يختلف النقل في هذا الحديث، على ما ذكرناه، وقد صححه أهل اللسان.

وقوله: قل: عربي نشأ بها أي: كبر وشب ونشأ الصبي أي: نبت وشبّ. قال الله تعالى ﴿أَوَمَنْ يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ﴾ [الزخرف: ١٨] ﴿الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ﴾ [يس: ٧٩] أي: ابتدأ خلقها. ومنه في الجنة ينشئ الله لها خلقاً يسكنهم إياها. وجاء في النار: في كتاب التوحيد مثله: أي: يبتدئ خلقهم في تفسير ﴿نَاشِئَةَ اللَّيْلِ﴾ [المزمل: ٦]. وقال ابن عباس: نشأ: قام بالحبشية، قال الأزهري: ناشئة الليل: قيامه مصدر جاء على فاعلة، كالعاقبة. وقيل: ساعته. وقيل: كل ما حدث بالليل. وبدأ فهو ناشئة. وقال نفطويه: كل ساعة قامها قائم من


(١) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢٤، باب ٨.
(٢) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في الحج حديث ١٤٧.
(٣) أخرجه البخاري في المغازي باب ١٥ ومسلم في الجهاد حديث ١١٩.
(٤) انظر النَّسَائِي في الاستسقاء باب ١٠.
(٥) أخرجه مسلم في الفضائل حديث ١٣٧.
(٦) أخرجه مالك في الاستسقاء حديث ٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>