للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الشق بالطول.

وقوله: ومرق فيه دباء وقديد (١): بتخفيف الدال، وهو مما تقدم لحم يقطع طولًا، وييبس ويدخر.

وقوله: فيقول قَدْ قُدَّ (٢) أي: كفى كفى مثل: قط قط في الحديث الآخر، يقال: بسكون الدالين وكسرهما.

[(ق د ر)]

قوله: لئن قدر الله علي ليعذبني (٣)، روايتنا فيه عن الجمهور: بالتخفيف وهو المشهور، ورواه بعضهم: قدّر بالتشديد، اختلف في تأويل هذا الحديث فقيل: هذا رجل مؤمن لكنه جهل صفة من صفات ربه، وقد اختلف المتكلمون في جاهل صفة هل هو كافر أم لا؟ وقيل: قدر هنا بمعنى قدر، يقال: قدر وقدر بمعنى. وقيل: هو بمعنى ضيق من قوله ﴿وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ﴾ [الطلاق: ٧] وهذان التأويلان قيلا في قوله عن يونس ﴿فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ [الأنبياء: ٨٧] ولا يليق في حق يونس التأويل الأول، ولا يصح أن يجهل نبي من أنبياء الله صفة من صفات الله، وقيل: قال لئن قدر الله علي في حالة لم يضبط قوله لما لحقه من الخوف وغمرة من دهش الخشية، وقيل: هذا من مجاز كلام العرب المسمى بتجاهل العارف، وبمزج الشك باليقين، كقوله ﴿وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى﴾ [سبأ: ٢٤] وأنت أم أم سالم.

وقوله: في الهلال: فإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ (٤) موصولة الألف، رويناه: بضم الدال وكسرها معناه: قدروا له عدد ثلاثين يومًا حتى تكملوها، كما فسره في الرواية الأخرى فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاثِينَ، هذا قول جمهور أهل العلم، وذهب ابن سريج من الشافعية: أن هذا خطاب لمن خُصَّ بهذا العلم من حساب القمر والنجوم أي: يحمل على حسابها، وإكمال العدة: خطاب لعامة الناس الذين لا يعرفونه، ولم يوافقه الناس على هذا.

وقول: عائشة فاقدروا قدر الجارية الحديثة السنّ (٥) أي: قدروا طول مقامها للنظر، لذلك يقال: قدرت الأمر أقدره وأقدره إذا نظرت فيه، وقدرته وتدبرته ومثله: واقدر لي الخير حيث كان: بالوجهين وبالكسر ضبطه الأصيلي.

وقوله: وكلأ بلال ما قُدِّر (٦) له، يروى بالتخفيف والتثقيل أي: ما قدَّره الله من المقدار والمدة.

وقوله: إذا كانت ليلة القدر قيل: سميت بذلك لعظم شأنها وفضلها أي: ذات القدر العظيم، كما قال ﴿خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ﴾ [القدر: ٣] و ﴿سَلَامٌ هِيَ حَتَّى مَطْلَعِ الْفَجْرِ﴾ [القدر: ٥]، وقيل: لأن الأشياء تقدر فيها كما قال ﴿فِيهَا يُفْرَقُ كُلُّ


(١) أخرجه البخاري في البيوع باب ٣٠، والأطعمة باب ٣٦، ٣٨، ومسلم في الأشربة حديث ١٤٤.
(٢) أخرجه مسلم في الحج حديث ٢٢.
(٣) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء باب ٥٤، والتوحيد باب ٣٥، ومسلم في التوبة حديث ٢٤، ٢٥، ومالك في الجنائز حديث ٥١.
(٤) أخرجه البخاري في الصوم باب ٥، ١١، ومسلم في الصيام حديث ٣، ٤، ٥، ٦، ٧، ٨، ٩، ومالك في الصيام حديث ١، ٢.
(٥) أخرجه البخاري في النكاح باب ٨٢، ١٤٤، ومسلم في العيدين حديث ١٧، ١٨.
(٦) أخرجه مسلم في المساجد حديث ٣٠٩، ومالك في الصلاة حديث ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>