للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هذا يعرض به للبليد الغبي، يريد لسوء تأويله في الآية وبعد فهمه لمعناها وقيل: بل يكون معناه على وجهه أي: غليظ الرقبة سمين لكثرة أكله إلى بياض النهار، والأول أولى وهو بيّن من لفظ الحديث وسياقه، وإليه يرجع قوله: إنك لعريض القفا، لأن وساد المرء من قدره، فمن يتوسد الليل والنهار، ويحتاج قفا من جنس ذلك، وقد ذكرناه في حرف العين. وقيل: الوساد هنا النوم أي: أن نومك كثير. وقيل: الليل كأنه يقول إن من لا يعد النهار حتى يتبين له العقالان، نام كثيرًا وطال ليله، وهما بعيدان في التأويل.

وقوله: صاحب الوساد والمطهرة (١) يعني عبد الله بن مسعود، كذا جاء في البخاري من غير خلاف، في كتاب الطهارة. وفي رواية مالك بن إسماعيل، ويروى: الوسادة، وفي حديث سليمان بن حرب صاحب السواد أو السواك: بكسر السين فيهما، وكان عبد الله بن مسعود يمشي مع النبي حيث تصرف ويخدمه، ويحمل مطهرته وسواكه ونعليه، وما يحتاج إليه فلعله أيضًا يحمل وساده إذا احتاج إليها، وأما أبو عمر فقال: كان يعرف بصحب السواد والسواك: بكسر السين، ومعنى السواد السرار لقوله : إذنك على أن ترفع الحجاب، وتسمع سوادي.

[(و س ط)]

قوله: في الجنازة: فقام وسطها (٢)، وفي الحديث الآخر: فوجدته في وسط الناس، كذا ضبطنا هذا الحرف: بسكون السين على أبي بحر وغيره، وبعضهم: بالفتح. قال الجياني: وكذا رده على ابن صاحب الأحباس. وقال ابن دريد، وسط الدار وسطها سواء. وقال ثعلب: جلس وسط القوم، ووسط الدار: بالسكون واحتجم وسط رأسه: بالفتح.

وقوله: من سطة النساء (٣)، ذكرناه في السين، وأصله الواو، وذكرنا ما تعقب فيه، والتصحيف في حديث أكل الربا، ومن قال فيه وسط النهر في حرف الشين، وسطة كل شيء خياره وأعدله ومنه ﴿أُمَّةً وَسَطًا﴾ [البقرة: ١٤٣] ومنه الفردوس أوسط الجنة وأعلاها (٤). قيل: أفضلها ويكون أنه أوسطها مساحة، ثم هو مع ذلك أرفعها منازل وأفضلها مراتب.

وقوله: شَغَلُونَا عَنِ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى (٥)، سميت بذلك إما لأنها أفضل الصلوات وأعظمها أجرًا ولهذا خصت بالمحافظة بعد إجمالها في عموم الصلوات، أو لأنها وسط بين صلاتي نهار وصلاتي ليل، على من جعلها العصر أو الصبح، أو لأنها في وسط النهار، لمن قال: إنها الظهر أو لأنه وسط ما بين الليل والنهار لمن جعلها الصبح، أو لأنها خمس صلوات، فكل صلاة منهن وسطًا لأنها بين صلاتين من كل طرف، وقد بينا المقالات فيها، واختلف العلماء في تعيينها وتعميتها في كتاب الإكمال. وجاء في بعض الروايات: صلوات الوسطى


(١) أخرجه البخاري في فضائل أصحاب النبي باب ٢٠، ٢٧.
(٢) أخرجه النسائي في الحيض باب ٢٥، والجنائز باب ٧٣، ٧٥.
(٣) أخرجه مسلم في العيدين حديث ٤.
(٤) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٤.
(٥) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٢، باب ٤٢، والجهاد باب ٩٨، والمغازي باب ٢٩، والدعوات باب ٥٨، ومسلم في المساجد حديث ٢٠٢ - ٢٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>