وهو الإثم، ومعناه: أن يمنّ عليه ويؤذيه بذلك، ويأثم أو يتكلم بما يأثم به، وقد جاء في الرواية الأخرى: حتى يؤثمه (١) أي يسبب له الإثم بالسخط والحرج، وذكره بسوء وهو تفسير ما تقدم.
وقوله: حَدِّثوا عَنِّي وَلَا حَرَج (٢)، وحَدِّثوا عن بني إِسْرَائِيلَ ولا حَرَج أي لا إثم عليكم أو لا منع فيه، أي أن الحديث عني وعنهم مباح غير ممنوع ولا مضيق فيه. ولا يستبعد ما صح من الأخبار عن عجائب بني إسرائيل، ولا ينكر الحديث عنها. وقيل: ولا حرج أي إن تركتم الحديث عن بني إسرائيل بخلاف الحديث عني الذي لزمكم تبليغه من بعدكم.
وقوله: في قتل الحيات حرجوا عليها ثلاثًا (٣)، تأوله مالك أن يقول: أنا أحرج عليك الا تبدو لنا وإلا تؤذينا، وغيره يتأول ذلك بكل كلام فيه التضييق عليها والمناشدة بألفاظ الحرج والعهود الضيقة. وفي حديث ابن عباس: كرهت أن أحرجكم (٤)، كذا رويناه بالحاء المهملة في رواية علي بن حجر، في حديث ابن عمر، وابن عباس في كتاب مسلم. وفي باب: هل يصلي الإمام بمن حضر؟ وفي باب: الرخصة إن لم تحضر الجمعة في المطر في كتاب البخاري من جميع الروايات أي: أضيق عليكم وأشق بإلزامكم السعي إلى الجماعة في المطر والطين. وجاء في الرواية الأخرى: كرهت أن أؤثمكم (٥) أي: أن أكون سبب اكتسابهم الإثم بحرجكم لمشقة الطين والمطر، فربما سخط المرء أو تكلم عند ذلك بكلام يؤثم فيه. وجاء في بعض الروايات: أن أخرجكم: بالخاء المعجمة وله وجه، ويدل عليه ما بعده فتمشون في الطين، وفي الحديث الآخر: تحرجوا أن يطوفوا (٦) وكانوا يتحرجون أي: خافوا الحرج والإثم، كذا في رواية السمرقندي، وتفسره الرواية الأخرى للطبري والعذري فتخوفوا، وعند السجزي: تحوبوا أي: خافوا الحوب والإثم وكله بمعنى واحد.
وقوله: فلما أكثروا من التذكرة والتحريج (٧) أي: تخويف الإثم.
[(ح ر ر)]
وقوله: الحرور: بفتح الحاء الحر، ومنه في حديث جهنم: فما وجدتم حرًّا أو حرورًا (٨). قيل: الحرور استيقاد الحر، ووهجه بالليل والنهار، وأما السموم فلا يكون إلا بالنهار. وقال أبو عبيدة: الحرور بالنهار مع الشمس. وقال الكسائي: الحرور السموم.
وقوله: جلاميد الحرة، وحرة المدينة، وشراج الحرة، الحرة كل أرض ذات حجارة
(١) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في اللقطة حديث ١٥، ١٦.
(٢) أخرجه البخاري في أحاديث الأنبياء باب ٥٠.
(٣) أخرجه الترمذي في الصيد باب ١٥.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان باب ٤١، والجمعة باب ١٤، ومسلم في المسافرين حديث ٢٦.
(٥) أخرجه بهذا اللفظ البخاري في الأذان باب ٤١.
(٦) أخرجه البخاري في الحج باب ٧٩، والعمرة باب ١٠، وتفسير سورة ٢، باب ٢١، ومسلم في الحج حديث ٢٦٢، ٢٦٣، ومالك في الحج حديث ١٢٩.
(٧) أخرجه البخاري في الأدب باب ٦٢.
(٨) أخرجه مسلم في المساجد حديث ١٨٧.