للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسله. وقيل: إليها تنتهي الجنة في العلو، والأول أظهر.

وقوله: ﴿سِدْرَةِ الْمُنْتَهَى﴾ [النجم: ١٤]، أي: عنده تقف العقول والأفكار، وكل شيء منه، وإليه ينتهي ويضاف، وهو خالقه، ثم انقطع الكلام بعد فلا يضاف هو إلى شيء، ولا يقال بعده شيء.

وقوله: فتناهى ابن صياد قيل: كثر استعمال الانتهاء في ترك ما يكره، حتى وضع موضع الفهم والعقل، كان معناه عنده تنبه، وقد يكون معناه عندي: تفاعل من النهي وهو العقل أي: رجع إليه عقله، وتنبه لذلك من غفلته، وقد يكون أيضاً على بابه أي: انتهى عن زمزمته وتركها.

وقوله: في الأطفال: فما يتناهى (١) أو ينتهي حتى يدخله الجنة يعني: أباه أي: ما يترك أخذه بأبيه وتعلقه به، وانتهى وتناهى وأنهى بمعنى: ويكون التناهي أيضاً من اثنين، ومنه قوله تعالى ﴿لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ﴾ [المائدة: ٧٩]، قيل: لا ينهى بعضهم بعضاً.

وقوله: في فضائل عمر: حتى انتهى. قيل: معناه مات على تلك الحالة، وقد يصح عندي أن يكون حتى انتهى للغاية في الفضل، وفيما مدحه به.

[فصل الاختلاف والوهم]

في تفسير ﴿وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٩] لا تنهروهن، كذا للأصيلي والقابسي، وعند أبي ذر: تقهروهن وهو أولى وأوجه.

[النون مع الواو]

[(ن و أ)]

وقوله: في الخيل: ونواء لأهل الإسلام (٢): بكسر النون ممدود أي: معاداة لهم. يقال: ناويت الرجل نواء ومناواة، وأصله من النهوض؛ لأن من عاديته وحاربته: ناء إليك أي: نهض ونؤت إليه. ومنه قوله: لتنوأ بها أي: تنهض، ومنه فذهب لينوء فأغمي عليه (٣)، ومنه قوله تعالى ﴿لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ﴾ [القصص: ٧٦]. وفي الحديث الآخر: وناء بصدره أي: نهض. وذكر الداودي: أن الرواية فيه عنده، ونوى: مفتوح مقصور وهو وهم، لا يصح.

وقوله: لأنوء وكان من أمر الجاهلية، وذكر الأنواء، ومن قال: مطرنا بنوء كذا (٤)، النوء، عند العرب: سقوط نجم من نجوم المنازل الثمانية والعشرين، وهو مغيبه بالمغرب مع طلوع الفجر، وطلوع مقابله، حينئذ من المشرق، وعندهم أنه لا بد أن يكون مع ذلك لأكثرها نوء من مطر أو رياح عواصف وشبهها، فمنهم من يجعله لذلك الساقط، ومنهم من يجعله للطالع؛ لأنَّه هو الذي ناء أي: نهض. فينسبون المطر إليه، فنهى النبي عن اعتقاد ذلك.


(١) أخرجه مسلم في البر حديث ١٥٤.
(٢) أخرجه البخاري في المساقاة باب ١٢، والجهاد باب ٢٨، ٤٨، وتفسير سورة ٩٩، باب ١، ومسلم في الزكاة حديث ٢٤، ومالك في الجهاد حديث ٣.
(٣) أخرجه البخاري في الأذان باب ٥١، ومسلم في الصلاة حديث ٩٠.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان باب ١٥٦، والاستسقاء باب ٢٨، والمغازي باب ٣٥، ومسلم في الإيمان حديث ١٢٥، ومالك في الاستسقاء حديث ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>