للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اللفظ، وذكره مسلم لأحببت لقاءه، والأول أوجه وأليق بالكلام، لأن الحب والنية لا يصد عنها لأنها تملك كما يصد عن العمل الذي لا يملك في كل حين.

وقوله: في حديث جابر الطويل: أيكم يحب أن يعرض الله عنه؟ قال؛ فجشعنا (١)، كذا رويناه عن القاضي الشهيد بالجيم، وكذا كان أيضًا في كتاب القاضي التميمي بخطه، ورويناه عن غيرهما بالخاء من الخشوع، ومعناه: صحيح متقارب. فخشعنا: بالخاء سكنًا وخفنا وفزعنا، وبالجيم: فزعنا أيضًا، ومنه الحديث الآخر. فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله (٢). قال الهروي: أي جزعًا.

[الجيم مع الهاء]

[(ج هـ د)]

قوله: في المبعث عن الملك: حتى بلغ مني الجهد، أكثر الروايات فيه، والضبط بفتح الجيم. وقاله بعضهم بضمها، وما ظننت أن الجهد بلغ بك هذا (٣). وفي الحديث الآخر في الصبر: على جهد المدينة بالفتح أيضًا. وقاله بعضهم قحط وجهد، وجهد العيال، وكذلك نعوذ بك من جهد البلاء.

وقوله: جهد العيال: بضم الجيم وكسر الهاء، وجهدت أن أجد مركبًا: بفتح الجيم وكسر الهاء أيضًا، وأجهد على جهدك (٤): بفتح الجيم أي: أبلغ أقصى ما تقدر عليه من السعي علي.

وقوله: وكان أول النار جاهدًا على نبي الله أي: مبالغًا في طلبه وأذاه.

وقوله: ما زلت جاهدًا في طلب مركب أي: حريصًا مبالغًا في طلبه كله، بمعنى الشدة في الحال والمبالغة والغاية والجد. قال ابن عرفة: الجهد بالضم: الوسع والطاقة، والجهد بالفتح المبالغة والغاية، وفي حديث ابن عمر: أجهد على جهدك منه (٥)، وروي عن الشعبي الجهد بالفتح في العمل، وبالضم في القنية يعني: العيش. وقال غيره: إذا كان من الاجتهاد والمبالغة ففيه الوجهان. قال ابن دريد: وهما لغتان فصيحتان: بلغ الرجل جهده وجهده. وفي العين: الجهد بالضم الطاقة، وبالفتح المشقة. وقال يعقوب: الجهد والجهد لغتان. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩] قرئ بالوجهين، فمعنى جهدت: إن أجد مركبًا أي: اجتهدت، وجهد العيال، أي: أصابهم الجهد، وهي المشقة وضيق العيش، وجهد المدينة بمعناه أي: شدتها وبلغ مني الجهد الغاية في المشقة، ومن قال هنا: الجهد بالضم فعلي من فرق، فيكون بمعنى: وسع الملك وطاقته من غطه ويجب أن يكون الجهد على ذلك منصوب الدال مفعولًا ببلغ، والملك هو الفاعل، وعلى الوجه الآخر: الجهد هو الفاعل وجهد البلاء قيل: شدته والحالة التي يتمنى الإنسان فيها الموت ويختاره. وجاء في الحديث تفسيره: أنه الصبر. وعن ابن عمر: أنه قلة المال وكثرة


(١) أخرجه مسلم في الزهد حديث ٧٤.
(٢) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٣٥.
(٣) أخرجه البخاري في المحصر باب ٨، وتفسير سورة ٢. باب ٣٢، ومسلم في الحج حديث ٨٥.
(٤) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة باب ٩.
(٥) انظر الحاشية السابقة.

<<  <  ج: ص:  >  >>