للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللام وفتح الفاء، ووجدته بخط الجياني فيما قيده عن ابن سراج فلتة: بالضم وبالفتح معًا، والفلتة كل شيء عمل على غير روية وبودر به انتشار خبره، هذا تأويل أبي عبيد وغيره هنا، وقد أنكره بعضهم وقال: هذا لا يصح، وهل كان تقديمه إلا بعد مشاورة من المهاجرين والأنصار، وإنما معناه ما روي عن سالم بن عبد الله بن عمر، وقد سئل عن تفسير قول عمر هذا فقال: كان أهل الجاهلية يتحاجزون في الأشهر الحرم، فإذا كانت الليلة التي يشك فيها يعني آخر ليلة من الشهر الحرام، وهي ليلة ثلاثين وهي تسمى عندهم: الفلتة أدغلوا فيها وأغاروا يريد: ويحتجون بأنها من الشهر الحلال الذي بعده، وأن الشهر الحرام كان ناقصًا. قال سالم: فكذلك كان يوم مات رسول الله أدغل الناس من بين مدع أمارة أو جاحد زكاة، فلولا اعتراض أبي بكر دونها، كانت الفضيحة وإلى هذا المعنى ذهب الخطابي - رحمه الله تعالى - في تفسيرها إذ كان موته بعد الأمن في حياته الفلتة آخر شهور الحرم، وفي الحديث الآخر: إن أمي افتلتت نفسها (١) أي: ماتت فجاءة وقيل: اختلست نفسها وهو من نحو ما تقدم، ونفسها منصوب على مفعول ثان وهو أكثر الروايات، ورواه بعضهم: نفسُها بالضم على ما لم يسم فاعله، وكذا قيده الخطابي قال أخذت نفسها فجاءة، وبالوجهين

قيده أبو علي الجياني، وغيره من شيوخنا، وذكره ابن قتيبة: اقتتلت، بقاف بعدها تاءان باثنتين فوقها، وقال: هي كلمة تقال لمن مات فجاءة، ولمن قتلته الجن من العشق، والأول المعروف المشهور في الرواية، والمعنى، لا ما قاله.

قوله: إن شيطانًا تفلت علي البارحة (٢)، معناه: توثّب علي وتسرع لضري، وقد ذكرناه. وقوله: حتى إذا أخذه لم يفلته (٣) أي: لم يتفلت منه ويكون معناه: لم يخلصه غيره منه. يقال: أفلت الرجل فأفلت وانفلت.

[(ف ل ج)]

قوله: المتفلجات المغيرات خلق الله (٤)، وهو نحو تفسير الواشرات والمؤتشرات، وقريب من ذلك، وهن اللاتي يأشرن أسنانهن بحديدة حتى يفلجنها، والفلج: بفتح الفاء واللام فرجة، وتفسح بين الثنايا، قاله الخليل. وقال غيره: بين الأسنان. وقال بعضهم: بين الثنايا والرباعيات، والفرق بفتح الراء بين الثنتين فقط، ومنه في صفته : أفلج الأسنان، ولكن لا يقال فيه أفلج، كذا، إلا إذا أضيف إلى الأسنان فيقال: أفلج الأسنان (٥)، أو مفلج الأسنان، وإنما يقال: أفلج مطلقًا في الرجل، والدواب للمتباعدة ما بين الرجلين، كذا قال ابن دريد وغيره يقول: أفلج وفلجاء في الأسنان دون إضافة. وقيل الفلج تفرق أصول


(١) أخرجه البخاري في الجنائز باب ٩٥، والوصايا باب ١٩، ومسلم في الزكاة حديث ٥١، والوصية حديث ١٢، ١٣.
(٢) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٧٥، وأحاديث الأنبياء باب ٤٠، وتفسير سورة ٣٨، باب ٢.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١١، باب ٥، ومسلم في البر حديث ٦٢.
(٤) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٩، باب ٤، واللباس باب ٨٢، ٨٤، ٨٥، ٨٧، ومسلم في اللباس حديث ١٢٠.
(٥) أخرجه الدارمي في المقدمة باب ١٠، بلفظ: "كان رسول الله أفلج الثنيتين".

<<  <  ج: ص:  >  >>