للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[(ذ و د)]

قوله: ليس فيما دون خمس ذود (١)، أعطانا خمس ذود، وثلاث ذود: الذود من الإبل ما بين الاثنين إلى تسع، هذا قول أبي عبيد. وأن ذلك يختص بالإناث. وقال الأصمعي: هو ما بين الثلاث إلى العشر. قال غير واحد: ومقتضى لفظ الأحاديث انطلاقه على الواحد، وليس فيه دليل على ما قالوا، وإنما هو لفظ للجميع كما قالوا: ثلاثة رهط ونفر ونسوة، ولم يقولوه لواحد، ولا تكلموا بواحد منها، وذكر أبو عمر بن عبد البر: أن بعض الشيوخ رواه خمس ذود على البدل لا على الإضافة، وهذا إن تصور له هنا فلا يتصور في قوله: أعطانا خمس ذود. وفي باب ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة.

قوله: ولا في أقل من خمس من الإبل الذود صدقة كذا لكافة الرواة، وسقط الذود عند المستملي، وهذا على البدل على نحو ما ذكره بعض الشيوخ، وكان في كتاب الأصيلي هنا ليس فيما دون خمس ذود، ثم غيره بما تقدم. وقال كذا لأبي زيد.

وقوله: فليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضالّ (٢) أي: يطردون، كذا رواه أكثر الرواة عن مالك في الموطأ بلام التحقيق والتأكيد، ورواه يحيى ومطرف وابن نافع: فلا يذادن بلا التي للنهي، ورده ابن وضاح على الرواية الأولى وكلاهما صحيح المعنى، والرواية والنافية أفصح وأوجه وأعرف، ووجهه: فلا تفعلوا فعلًا يوجب ذلك، كما قال في الحديث الآخر في الغلول: فلا ألفينّ أحدكم على رقبته بعير، أي: لا تفعلوا ما يوجب ذلك، ومثله قوله: لا ألفينَّك تأتي القوم فتحدثهم فتملهم أي: لا تفعل ذلك فأجدك كذلك، ولا يجوز هنا قصر اللام لأن الخبر هنا لا يصح، والحديثان قبلها يصح فيهما الخبر والنهي.

[(ذو وذي)]

وبيان معاني ذو وذي وذا وذات، وما جاء فيها من اختلاف ألفاظها ومعانيها في الحديث. قال الزبيدي: أصل ذو ذوو لأنهم قالوا في التثنية: ذوا قال، وذكره في ترجمة اللفيف: بالياء والواو من المعتل، واعلم أن ذا عند النحاة وأهل العربية إنما تضاف إلى الأجناس، ولا تصح إضافتها إلى غيرها، ولا تثنى عند أكثرهم ولا تجمع ولا تضاف إلى مضمر، ولا صفة ولا فعل ولا اسم مفرد ولا مضاف، لأنها نفسها لا تنفكّ عن الإضافة وإن جاءت مفردة، أو بالألف واللام، أو مجموعة فشاذة كقوله: الذوينا والأذواء لرؤساء اليمن ممن اسمه ذو كذا كذي نواس، وذي فايش، وذي يزن. وفي الحديث أما ذو ورأينا وهذا جمع، وقد أجاز بعضهم على هذا ذوو مال، وذوا مال وذوون، وعند الأصيلي في باب الركاب والغرز: أهل من عند ذوي مسجد ذي الحُلَيْفة، وهذا إضافة إلى مفرد. وفي حديث أم زرع في بعض روايات مسلم: وأعطاني من كل ذي رائحة زوجًا، وهذه إضافة إلى صفة ووجهه أنه من ذلك الشاذ كذي يزن وذي جدن، أو بمعنى الذي هو كقولهم: أفعل ذلك بذي تسلم، وهو شاذ أيضًا، أي بالذي تسلم، أو بسلامتك أو سلامتك، أو بالذي هي ولك السلامة، هذه


(١) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٢) أخرجه مسلم في الطهارة حديث ٣٩، ومالك في الطهارة حديث ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>