للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكلام تناقض واضطراب؛ لأنَّه قدم أولًا الاعتراف بحسن ما جاء به، ثم أدخل فيه شكاً بقوله: إن كان حقًا، وقول علي ما كنت أقيم على أحد حداً فيموت فأجد منه في نفسي إلا صاحب الخمر؛ لأنَّه إن مات وديته، كذا في النسخ. قال بعضهم: الوجه فإنه إن مات وديته.

وقوله: في حديث الشجرتين فلأم بينهما (١)، كذا لهم مهموز مقصور، وقد فسرناه، وعند ابن عيسى: فلاءم بينهما ممدود وكلاهما صحيح بمعنى، وعند أبي بحر عن العذري فألام بينهما بغير همز رباعي، وهو بعيد في هذا إلا أن يكون من الأم، فسهل الهمزة ثم نقل الحركة إلى اللام الساكنة كما قيل: الأرض والأمر.

[اللام مع الباء]

[(ل ب ب)]

قوله: في التلبية: لبيك معناه إجابة لك وهو تثنية ذلك كأنه قال: إجابة لك بعد إجابة تأكيدًا كما قالوا: حنانيك. ونصب على المصدر هذا مذهب سيبويه وكافة النحاة، ومذهب يونس أنه اسم غير مثنى، وأن ألفه انقلبت لاتصالها بالمضمر مثل: لدي وعلي، وأصله لبب فاستثقلوا الجمع بين ثلاث باءات فأبدلوا الثانية ياء كما قالوا: تظنيت من تظننت ومعناه: إجابتي لك يا رب لازمة من لب بالمكان وألب به إذا أقام. وقيل: معناه قرباً منك وطاعة. قال الحربي: والألباب: القرب. وقيل: طاعة لك وخضوعاً من قولهم: أنا ملبٍّ بين يديك أي: خاضع. وقيل: اتجاهي لك وقصدي، من قولهم داري تلب دارك أي: تواجهها. وقيل: محبتي لك يا رب من قولهم: امرأة لبة للمحب لولدها. وقيل: إخلاصي لك يا رب من قولهم: حسب لباب أي: محض. وفي الحديث: قلببته بردائه (٢) إذا جمع عليه ثوبه عند صدره في لبته، وأمسكه وساقه به: بتشديد الباء وتخفيفها معًا والتخفيف أعرف واللبة المنحر، ومنه الذكاة في الحلق واللبة (٣)، وطعن في لباتها (٤) أي: نحورها. ولب الرجل الحازم ﴿أُولُو الْأَلْبَابِ﴾ [البقرة: ٢٦٩]: أولوا العقول، واللب: العقل.

[(ل ب ث)]

قوله: فأطال اللبث: بفتح اللام والباء وسكونها أي: المكث، وهو اسمه. ومنه: لو لبثتَ في السِّجْنِ ما لَبِثَ يوسف (٥)، واللبث: بضم اللام وسكون الباء: المصدر.

وقوله: واستلبث الوحي (٦) أي: أبطأ نزوله.


(١) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٢) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ٥، ٢٧، والاستتابة باب ٩، والتوحيد باب ٥٣، ومسلم في المسافرين حديث ٢٧٠، ومالك في القرآن حديث ٥.
(٣) أخرجه البخاري في الذبائح باب ٢٤.
(٤) أخرجه مالك في الحج حديث ١٤٠.
(٥) أخرجه البخاري في التعبير باب ٩، وأحاديث الأنبياء باب ١١، ١٩، وتفسير سورة ١٢، باب ٥، ومسلم في الإيمان حديث ٢٣٨، وفضائل الصحابة حديث ١٥٢.
(٦) أخرجه البخاري في الشهادات باب ٢، والمغازي باب ٣٤، وتفسير سورة ٢٤، باب ٦، والاعتصام باب ٢٨، ومسلم في التوبة حديث ٥٣، ٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>