للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم، وعند السمرقندي: فأتى عمران. وهو وهم، والأول الصواب بدليل قوله بعد: إنكم لتجاوزوني إلى رجال الحديث. وقائل هذا هو هشام للذين كانوا يمرون عليه ويجاوزونه إلى عمران. وفي حديث: يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل والنهار (١).

قوله: أتيناهم وهم يصلون. كذا للجمهور وهو الصواب. وللأصيلي في موطأ يحيى: أتيتهم. على الأفراد وهو وهم.

قوله: في عمرة الحديبية: فإن يأتونا كانوا قد قطع الله عينًا من المشركين. كذا للجرجاني والمروزي والهروي والنسفي وكافة الرواة من الإتيان. وعند ابن السكن: بَاتّونا بباء بواحدة وتشديد التاء من البتات بمعنى قاطعونا بإظهار المحاربة، والأول أظهر هنا.

[الهمزة مع الثاء]

[(أ ث ر)]

قوله للأنصار: ستلقون بعدي أُثْرة (٢): بضم الهمزة وسكون الثاء. ويروى: أَثَره. بفتحهما، وبالوجهين قيده أبو علي الحافظ الجياني وبالفتح قيده الأصيلي، وهو ضبط الصدفي والطبري والهوزني من الرواة، وقيدناه عن الأسدي وآخرين بالضم والوجهان صحيحان. ويقال أيضًا: إِثْرة بالكسر وسكون الثاء، قال الأَزهري: وهو الاستئثار أي: يستأثر عليكم بأمور الدنيا ويفضل غيركم عليكم نفسه ولا يجعل لكم في الأمر نصيب. وحكى لي شيخي أبو عبد الله محمد بن سليمان النحوي عن أبي يعلى القالي أن الإثرة الشدة، وبه كان يتأول الحديث. والتفسير الأول أظهر وعليه الأكثر وسياق الحديث وسببه يشهد له، وهو إيثارهم المهاجرين على أنفسهم فأجابهم بهذا (٣).

وفي الحديث الآخر فآثر الأنصار المهاجرين (٤). أي: فضّلوهم. وفي البيعة: وأَثَرَه عليك. كله بمعنى.

وفي حديث بنت محمد بن سلمة فآثر الشابة عليها (٥). أي فضلها. وفيه: فاصبر على الأُثرة رويناه في الموطأ بالضم وعن الجياني فيها بالفتح أيضًا وهو بمعنى ما تقدم.

وفي حديث عائشة ووفاة عمر: وكان إذا أرسل إليها أحد من الصحابة أن يدفن مع أبي بكر قالت: والله لا أوثرهم بأحد أبدًا (٦): تعني غير نفسها لتدفن معهما، كذا في جميع النسخ. ومعناه عندي إن صحت هذه الرواية: على القلب، أي لا أوثر أحدًا بهم، أي أكرمه بدفنه معهم تعني النبي وأبا بكر. ولعله: لا


(١) أخرجه البخاري في المواقيت باب ١٦، والتوحيد باب ٢٣، ٣٣، ومسلم في المساجد حديث ٢١٠، ومالك في السفر حديث ٨٢.
(٢) أخرجه البخاري في الفتن باب ٢، والمناقب باب ٢٥، والمغازي باب ٥٦، ومسلم في الزكاة حديث ١٣٢، ١٣٩.
(٣) قال في النهاية ١/ ٢٢: الأثَرة، بفتح الهمزة والثاء: الاسم من آثر يؤثرُ إيثارًا إذا أعطى. أراد أنه يستأثر عليكم فيفضّل غيركم في نصيبه من الفيء، والاستئثار: الانفراد بالشيء.
(٤) أخرجه البخاري في المغازي باب ٥٦، ومسلم في الزكاة حديث ١٤٠.
(٥) أخرجه مالك في النكاح حديث ٥٧.
(٦) أخرجه البخاري في الاعتصام باب ١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>