للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الإبل مخففًا فسرحت هي اللازم والواقع سواء، قال الله تعالى ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦] قيل: يريد أن إبله لا تغيب ولا تسرح إلى المرعى كثيرًا، ولا بعيدًا ليجدها قريبة للضيفان فيجلبها وينحرها وقيل: بل المراد أنها لكثر ما ينحر منها لا يبقى ما يسرح منها إلا قليلًا، وقد ذكرنا من هذا في حرف الباء، وبسطنا معانيه في كتاب البغية، في شرح هذا الحديث والسرح: الإبل والمواشي التي تسرح للرعي بالغداة وهي السارحة ومنه: أغار على سرح رسول الله (١).

وقوله: تسرح من الجنة حيث تشاء ونحن نسرح في الجنة (٢) أي: ننعم ونردد في ثمارها كسرح الإبل في المرعى.

قوله: عليهم بسارحة لهم (٣) أي: بماشية سرحت في مرعاها.

[(س ر د)]

قوله: أسرد الصيام (٤) أي: أواليه وأتابعه، ومنه قوله تعالى ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ [سبا: ١١] أي: في متابعة الخلق شيئًا بعد شيء حتى تتناسخ، ومنه: فلان يسرد الحديث، ومنه قول عائشة: لم يكن رسول الله يسرد الحديث كسردكم (٥)، ومنه سميت حلق الدرع سردًا لتناسقها بعضها ببعض. وقيل: السرد سمر طرفي الحلقة، ومنه قوله ﴿وَقَدِّرْ فِي السَّرْدِ﴾ أي: لا تجعل المسامير رقاقًا ولا غلاظًا، وذكر السرادق (٦) وهو الخباء وشبهه وأصله: كل ما أحاط بالشيء وقيل: هو ما يدار حول الخباء كالظلة ونحوها.

[(س ر ر)]

قوله: هل صمت من سرر هذا الشهر (٧): بفتح السين والراء الأولى، كذا للكافة، وعند العذري، وبعضهم: بضم السين. قال أبو عبيد: سرار الشهر آخره حيث يستتر الهلال وسرر الشهر مثله، وأنكره غيره قال: ولم يأتِ في صوم آخر الشهر حضّ وسرار كل شيء وسطه وأفضله، فكأنه يريد الأيام الغر من وسط الشهر. وقال ابن السكيت: سرار الشهر وسراراه: بالفتح والكسر. قال الفراء: والفتح أجود. وقال الأزهري: سرر الشهر وسراره وسراره ثلاث لغات. وقال الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز: سره أوله، وقد جاء هكذا في مصنف أبي داود وغيره، وأثبت بعضهم سره ولم يعرفه الأزهري. قال أبو داود: وقيل: سره وسطه. وقيل: آخره وسر كل شيء جوفه، وأنكر هنا الخطابي أن سره أوله، وذكر قول الأوزاعي: سره آخره وقال: سمي آخره سر الاستسرار القمر فيه، وذكر مسلم في حديث عمران بن حصين: أصمت من سرة هذا الشهر (٨)، وهذا يدل أنه وسطه.


(١) انظر مسلم في الجهاد حديث ١٣٢.
(٢) أخرجه مسلم في الإمارة حديث ١٢١.
(٣) أخرجه البخاري في الأشربة باب ٦.
(٤) أخرجه البخاري في الصوم باب ٥٧، ومسلم في الصيام حديث ١٠٤، ١٨٥.
(٥) أخرجه البخاري في المناقب باب ٢٣، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٦٠.
(٦) انظر البخاري في الحج باب ٥.
(٧) أخرجه البخاري في الصوم باب ٦٢، ومسلم في الصيام حديث ١٩٨، ١٩٩.
(٨) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في الصيام حديث ١٩٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>