كتاب مشارق الأنوار على صحاح الآثار - ط العلمية

الهمزة مع الزاي - (أ ز ي) - ج: 1 - ص: 50

يضبطونه بضم الهمزة، قالوا: والصواب كسرها لأن المراد بها هنا الهيئة كالقعدة والجلسة لا المرة الواحدة.

قوله: أنصرك نصرًا موزرًا (١) بهمز ويسهل، أي بالغًا قويًا، ومنه قوله تعالى ﴿اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي﴾ [طه: ٣١] أي قَوّني به، والأزر القوة.

وفي البخاري عن مجاهد: أشدد به ظهري وقال بعضهم: أصله موازرًا من وزارت، ويقال فيه أيضًا: آزت أي عاونت. قوله: كان النبي ﵇ إذا دخل العشر شد مئزره (٢). المئزر والإزار ما ائتزر به الرجل من أسفله، وفي قوله: شد مئزره تأويلان، أحدهما: الكناية عن البعد عن النساء كما قال قوم: إذا حاربو شدو مآزرهم. عن النساء ولو باتت بأطهار، ويدل عليه أنه قد روي في كتاب ليلة القدر عند بعض الرواة: اعتزل فراشه وشد مئزره. قال القابسي: كذا في كتب بعض أصحابنا، قال ابن قتيبة: وهذا من لطيف الكناية عن اعتزال النساء. والثاني: أنه كناية عن الشدة في العمل والعبادة.

وقوله في حديث أنس: أَزَّرَتْني بنصف خمارها وردتني ببعضه (٣)، أي جعلت من بعضه إزارا الأسفلي، ومن بعضه رداءً لأعلى بدني وهو موضع الرداء.

وقوله: الكبرياء رداؤه والعز إزاره (٤) وهو مثل قوله في الحديث الآخر: رداء الكبرياء على وجهه (٥). وهو من مجاز كلام العرب وبديع استعاراتها وهي تكنى بالثوب عن الصفة اللازمة، وقالوا: فلان لباسه الزهد وشعاره التقوى، قال الله تعالى ﴿وَلِبَاسُ التَّقْوَى﴾ [الأعراف: ٢٦] فالمراد هنا والله أعلم أنها صفته اللازمة له المختصة به التي لا تليق بغيره، اختصاص الرداء والإزار بالجسد، ولهذا قال: فمن نازعني فيهما قصمته. وقوله في الثّوب: وإن كان قصيرًا فليتزر به. كذا لجميع رواة الموطأ، وأصله: يأتزر فسهل وأدغم كقوله ﴿مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ﴾ [الجاثية: ٢٣].

[(أ ز ي)]

قوله: فوازينا العدو، أي قربنا منه وقابلناه، وأصله الهمز (٦) يقال: أزيت إلى الشيء أزي أَزْيًا. انضممت إليه وقعدت إِزاءه أي قبالته.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله في حديث بناء الكعبة: إزاري إزاري (٧) كذا في غير موضع، وذكر البخاري في فضل مكة: أرني إزاري. قال القابسي معناه أعطني والأول أشبه بالكلام والصواب.

وفي باب ما كان يتخذ النبي ﵇ من

---

(١) أخرجه البخاري في بدء الوحي باب ٣، والتعبير باب ١، وأحاديث الأنبياء باب ٢١، ومسلم في الإيمان حديث ٢٥٢.
(٢) أخرجه البخاري في ليلة القدر باب ٥، ومسلم في الاعتكاف حديث ٧.
(٣) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة حديث ١٤٣.
(٤) أخرجه مسلم في البر حديث ١٣٦، بلفظ: "الكبرياء ردائي والعظمة إزاري".
(٥) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٥٥، باب ١، ٢، والتوحيد باب ٢٤، ومسلم في الإيمان حديث ٢٩٦.
(٦) قال في النهاية ١/ ٤٧: أنكر الجوهري أن يقال: وازينا.
(٧) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار باب ٢٥، والحج باب ٤٢، ومسلم في الحيض حديث ٧٦، ٧٧.