للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

سماه الله به من قوله ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] لعطفه وإحسانه لهم، وقد يكون ذلك لرحمة الله العالمين بشفاعته الثانية من النار أو البقاء فيها. وفي بعض روايات مسلم: نبي الملحمة المبعوث بالقتال والجهاد (١)، كما قال: بعِثْتُ بالذَّبْح وأُمِرْت أن أُقَاتِلَ الناسَ حتى يَقُولوا لَا إِلهَ إِلَّا الله، وكما جاء في حديث حذيفة: نبي الملاحم، ونبي الرحمة، ذكره ابن أبي خيثمة.

قوله: جعل الله الرحم مائة جزء (٢)، كذا رويناه: بضم الراء، معناه: العطف والرحمة، كما قال في الحديث الآخر: خَلَقَ الله مائةَ رَحْمَةٍ (٣) يُقَالُ رحمة ورحمة: بالفتح والضم ورحم بالضم، والرحيم من أسماء الله، والرحمن من ذلك، فالرحمن مما اختص به تعالى لا يسمى به غيره كالله، وأما الرحيم فقد يوصف به المخلوقون. قال الله تعالى لنبيه: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ وهي من الله عطف وإحسان ومن المخلوقين رقة وارتماض يقضي بالعطف والإحسان.

قوله: الرحم متعلقة بالعرش (٤)، ويقال رحم ورحم ورحم، وأعلم أن ما جاء من ذكر الرحم في مثل هذا كقوله: قامت الرحم فقالت: هذا مقام العائِذِ بِكَ (٥) أنه على وجه ضرب المثال والاستعارة ومجاز كلام العرب، وأن الرحم هنا ليست بجسم وإنما هي وإنما هي معنى من المعاني، وهو النسب والاتصال الذي يجمعه رحم والدة فسمي باسمه، والمعاني لا يصح منها القيام ولا الكلام لكنه تقريب لفهم عظيم حقها، ووجوب صلة المتّصفين بها وعظم إثم قاطعها، ولذلك سمي قطعًا كأنه قطع تلك الصلة والسبب الذي منها. وقيل: يحتمل أن الله يجعل ملكًا يتكلم عنها.

[(ر ح ض)]

قوله: يمسح عنها الرحضاء (٦): بضم الراء وفتح الحاء وضاد معجمة ممدود، هو عرق الحمى.

قوله: فوجدنا مراحض قد بنيت (٧) هي بيوت الغائط، وأصله من الرحض وهو الغسل.

[الراء مع الخاء]

[(ر خ ي)]

قوله: إن منزلي متراخ أي: بعيد. ومنه رواية من روى: استرخيا مني أي: تباعدا، وقد مر في حرف الهمزة والخاء، ومنه في حديث أسماء في الحج: استرخي عني (٨) أي: تأخري وتباعدي في التي ولدت غلامًا أسود قال: ولم يرخص له في الانتفاء منه، كذا رويناه وهو


(١) أخرجه أبو داود في الملاحم باب ٤، وابن ماجه في الفتن باب ٣٥.
(٢) أخرجه مسلم في التوبة حديث ١٧، بلفظ: "جعل الله الرحمة مائة جزءٍ".
(٣) أخرجه البخاري في الرقاق باب ١٩، ومسلم في التوبة حديث ١٨ - ٢١.
(٤) أخرجه مسلم في البر حديث ١٧.
(٥) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٤٧، والأدب باب ١٣، والتوحيد باب ٣٥، ومسلم في البر حديث ١٦.
(٦) أخرجه البخاري في الجهاد باب ٣٧، والزكاة باب ٤٧، ومسلم في الزكاة حديث ١٢٣.
(٧) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٢٩، ومسلم في الطهارة حديث ٥٩.
(٨) أخرجه مسلم في الحج حديث ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>