للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله: مات حتف أنفه. قال أبو عبيد: هو من يموت على فراشه، والحتف الموت، وقال غيره: يريد أن نفسه تخرج على فراشه من فمه وأنفه.

وقوله:

إن الجبان حتفه من فوقه (١)

قيل: معناه إن حذره وجبنه غير دافع عنه المنية إذا نزلت به، وحل به قدر الله السابق الذي لا بد منه، وقيل: معناه: إن حتفه من السماء يقدر، ويحتمل أن يرجع هذا إلى معنى الأول، وكنى به عما سبق له، وكتب في اللوح المحفوظ، وقيل: معناه: أنه شديد الخوف والذعر، كمن يخشى أن يقع عليه شيء وكقوله ﴿يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ﴾ [المنافقون: ٤] وهذا ضعيف.

[فصل في معنى حتى ورفع الإشكال والاختلاف والتغيير في حين وحتى وحيث في هذه الأصول]

في المغازي: كان الرجل يجعل للنبي النخلات حتى افتتح قريظة (٢)، كذا للكافة، وهو الصواب والمعروف في غير هذا الكتاب، وعند أبي الهيثم، وعبدوس، والقابسي في هذا الباب، حين مكان حتى وهو خطأ ووهم، وصوابه: حتى.

وقوله: في التفسير: لما نزلت ﴿إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ﴾ [الأنفال: ٦٥] شُقَّ ذلك على المسلمين حتى فرض عليهم (٣)، كذا للجرجاني، وهو وهم، وصوابه رواية الجماعة حين فرض عليهم، ومثله في حديث عتبان، فلم يجلس حتى دخل البيت، كذا لجميع الرواة. قال بعضهم: لعل صوابه حين دخل البيت وأري الأول وهما في باب: من اشترى هدية من الطريق عن ابن عمر، وأهدى هديًا مقلدًا، اشتراه حين قدم فطاف بالبيت، كذا لكافتهم، وعند الأصيلي حتى قدم وهو الصواب، أي سار حتى قدم أو لم ينحره، حتى قدم في فضل العتق.

قال: فانطلقت حتى سمعت الحديث من أبي هريرة، كذا للجميع. وعند الطبري: حين سمعت وليس بشيء والصواب الأول، وعليه يدل الكلام قبله وبعده. وفي التيمم: فنام رسول الله حتى أصبح (٤)، كذا في الموطأ من رواية يحيى والقعنبي، وكذا رواه مسلم عن ابن القاسم، عن مالك. ورواه البخاري عنه في التفسير: فنام رسول الله حين أصبح على غير ماء، وكذا رواه عن التنيسي في رواية المروزي، وعند الجرجاني: فقام حتى أصبح وليس بشيء. وعند ابن السكن: فنام حتى أصبح مثل رواية يحيى وهو الصواب. وفي المساجد التي على طرق المدينة في مكان بطح سهل، حين تفضي من أكمة دون بريد الرويثة


(١) الرجز بتمامه:
إني وجدت الموت قبل ذَوْقِه … إنّ الجبان حتفُه من فوقِه
والحديث أخرجه مالك في المدينة حديث ١٥.
(٢) أخرجه البخاري في الخمس باب ١٢، والمغازي باب ١٤، ٣٠، ومسلم في الجهاد حديث ٧١.
(٣) أخرجه البخاري في تفسير سورة ٨، باب ٧.
(٤) أخرجه مالك في الطهارة حديث ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>