للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعند السمرقندي: أشرها وقال ابن قتيبة: لا يقال أشر ولا أخير، وإنما يقال: شر وخير. قال الله تعالى ﴿أَنْتُمْ شَرٌّ مَكَانًا﴾ [يوسف: ٧٧] وقد جاء في الحديث خلاف ما قال، وقد ذكرنا منه في حرف الخاء.

[(ش ر ط)]

قوله: فيشترط المسلمون شرطة للموت، وتفنى الشرطة (١): بضم الشين وسكون الراء، والشرطة، أول طائفة من الجيش تشهد الوقعة وتتقدمه، ومنه سمي: الشرطان لتقدمهما أول الربيع، وأشراذ الأشياء: أوائلها، ومنه أشراط الساعة أي: مقدماتها. وقيل: علاماتها، وأشرط نفسه للشيء أي: أعلمها، ومنه سمي الشرط لأن لهم علامات يعرفون بها هذا قول أبي عبيد، وأنكر غيره هذا وقال: إنما جمع الشرط: شروط، وإنما الأشراط، جمع: شرط: بفتح الراء، وهو الرديء من كل شيء. قال: فأشراط الساعة: ما ينكره الناس من صغار أمورها قبل قيامها، وقد يحتمل عندي هذا المعنى الحديث الأول في شرطة المسلمين أي: يتعالمون بينهم بعلامة يختصون بها. وقيل: سمي الشرط: شرطًا من الشرط وهو ردال المال لاستهانتهم بأنفسهم. وقال أبو عبيدة: سموا شرطًا لأنهم أعدوا. وقال الأصمعي: الشرطة هو الشرط أي: ما شارطوا عليه فسموا به، والشرط في البيع وغيره قالوا: هو من هذا، لأنه علامات جعلها الناس بينهم، وعندي أنه تأكيد من العقد والشد من الشريطة، وهو شبه الحبل، يفتل.

وقوله: اشترطي لهم الولاء (٢) من هذا قيل: أعلميهم به وبحكمه، وأظهريه لهم كالعلامة، ويعضد هذا التأويل رواية الشافعي عن مالك في الموطأ: واشرطي لهم الولاء. قال الطحاوي: أي: أظهري لهم حكمه. وقيل: أشرطيه عليهم، كما قال الله تعالى ﴿فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنَّمَ﴾ [البروج: ١٠] أي: عليهم. وقيل: على وجهه في اللفظ على وجه الزجر، كما قال ﴿وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ﴾ [الإسراء: ٦٤] الآية، والله لا يأمر بهذا. وقيل: بل على طريق التوبيخ والتقريع، وأن ذلك لا ينفعهم، إذ قد بين النبي حكمه لهم قبل، فكأنه قال لها: اشترطي لهم أولًا فذلك لا ينفعهم، وهو اختيار أبي بكر بن داود الأصبهاني قال: وليس المراد أنه أمرها بذلك، ثم يبطل الشرط، ولكنه كقوله تعالى ﴿قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ﴾ [الأعراف: ١٩٥] استخفافًا وتعجيزًا إن دعوتموهم أو لا لم ينفعوكم، ويعضد هذا رواية البخاري من حديث أيمن، عن عائشة، وفيه: ودعيهم يشترطون ما شاءوا، واشترتها وأعتقتها، واشترط أهلها الولاء، فقال : إنما الولاء لمن أعتق.

وقوله: فيه شرط الله أحق. قال الداودي: يحتمل قوله: ﴿فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ﴾ [الأحزاب: ٥] قال القاضي عياض ، ويحتمل عندي - وهو الأظهر - أعلم به من حكم الله أن الولاء لمن أعتق. وقيل: بل فعل ذلك عقوبة في الأموال لمخالفتهم أمره وهو ضعيف.


(١) أخرجه مسلم في الفتن حديث ٣٧.
(٢) أخرجه البخاري في المكاتب باب ١، ٣، والشروط باب ١٣، والبيوع باب ٧٣، ومسلم في العتق حديث ٨، ومالك في العتق حديث ١٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>