للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويخلطوا، وتكون على أصلها للاختبار كقوله ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ﴾ [التغابن: ١٥] وتكون بمعنى الإحراق بالنار كقوله: ﴿إنَّ الَّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ﴾ [البروج: ١٠] أي: حرقوهم، ومنه: أعوذُ بِكَ مِنْ فِتْنَةِ النَّارِ (١) وقيل: إنها هنا على أصلها من التصفية؛ لأن المعذبين بالنار من المؤمنين المذنبين، إنما عُذبوا من أجل ذنوبهم فكأنهم صفوا منها وخلصوا، فسأل النبي أن لا يكون من هؤلاء، وكذلك سؤاله لأمته ذلك، لكن بعفو الله ورحمته وتفريقه في الدعاء بين فتنة النار، وعذاب النار، حجة لهذا القائل أي: ممن يعذب بالنار عذاب الكفار، وهو حقيقة التعذيب والخلود، وقد بسطنا هذا، والفرق بين عذاب المذنبين والكفار في شرح مسلم.

وقوله: في خروج النبي وهم يصلون، فكدنا نفتتن (٢) أي: نخلط في صلاتنا، ونذهل عنها، وقيل: عن سعد بن أبي وقاص: فتنة الدنيا: الدجال، وتكون بمعنى الإزالة والصرف عن الشيء كقوله: ﴿وَإِنْ كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ﴾ [الإسراء: ٧٣].

[(ف ت ش)]

قوله: لم يطأ لنا فراشًا، ولم يفتش لنا كنفًا مذ أتيناه (٣)، كناية عن القرب منها، والكنف: الستر وهو هنا: الثوب كنى بيفتش عن الإطلاع على ما تحته، وعن إعراضه عن الشغل بها.

[(ف ت ي)]

قوله: وليقل فتاي وفتاتي (٤). قيل: هو بمعنى عبدي وأَمَتي، وإنما نهى عن ذكر لفظ العبودية المحضة، إذ العبودية حقيقة الله، ولفظ الفتوة مشترك للملك ولفتاء السن، والفتى الشاب مقصور، والفتاء ممدود الشباب. قال الله تعالى ﴿وَقَالَ لِفِتْيَانِهِ اجْعَلُوا بِضَاعَتَهُمْ فِي رِحَالِهِمْ﴾ [يوسف: ٦٢] أي: لعبيده.

وقوله: من كنا أفتيناه فتيًا (٥)، وما هذه الفتيا (٦)، وتكرر هذا الحرف فإذا كان آخره ياء كان: بضم الفاء. ويقال: فيها الفتوى: بفتح الفاء والواو، وأصله السؤال، ثم سمي الجواب به. قال الله ﴿يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللهُ يُفْتِيكُمْ﴾ [النساء: ١٧٦] وقال: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ﴾ [الصافات: ١٤٩] أي: سلهم.

وقوله: أمثلي يفتات عليه (٧)، مذكور في الفاء والياء لأنَّه معتل.

[فصل الاختلاف والوهم]

قوله إن شيطانًا جعل يفتك عليّ البارحة (٨)، كذا ذكره مسلم. يقال: بضم التاء وكسرها،


(١) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٢) تقدم الحديث مع تخريجه.
(٣) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ٣٤.
(٤) أخرجه البخاري في العتق باب ١٧، ومسلم في الألفاظ حديث ١٣، ١٥.
(٥) أخرجه الدارمي في المناسك باب ١٨.
(٦) أخرجه مسلم في الحج حديث ٢٠٦.
(٧) أخرجه مالك في الطلاق حديث ١٥.
(٨) أخرجه مسلم في المساجد حديث ٣٩، بلفظ: "إن عفريتا جعل يفتك علي البارحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>