للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: أتمه وختمه. ومنه قوله: فإن الله قضى على لسان نبيه: سمع الله لمن حمده (١) أي: ختمه وحكم بسابق قضائه بإجابة قائله، ومنها الأمر كقوله ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ﴾ [الإسراء: ٢٣] أي أمر، ومنه في حديث النطفة: فَيَقْضِيَ رَبُّكَ مَا شَاءَ (٢)، ويكتب الملك، وتكون هنا بمعنى الإعلام بقضاء الله وقدره، لما يكون من أمره سابق، وبمعنى أعلم كقوله ﴿وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الإسراء: ٤] أي: أعلمناهم، وكقوله ﴿وَقَضَيْنَا إِلَيْهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ﴾ [الحجر: ٦٦] أي: أوحينا إليه وأعلمناه، وبمعنى فصل في الحكم، ومنه يقضي بينهم ومنه: قضى الحاكم، وقضى دينه، وكل ما أحكم عمله فقد قضى، ومنه ﴿إِذَا قَضَى أَمْرًا﴾ [آل عمران: ٤٧] أي: أحكمه ﴿فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ﴾ [فصلت: ١٢] و ﴿فَقَضَى عَلَيْهِ﴾ [القصص: ١٥] أي: قتله و ﴿قَضَى نَحْبَهُ﴾ [الأحزاب: ٢٣] أي: مات وبمعنى الفراغ منه قوله عند بعضهم ﴿ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلَا تُنْظِرُونِ﴾ [يونس: ٧١] أي: افرغوا ولا تؤخروا من أمركم وقيل منه ﴿فَلَمَّا قَضَى﴾ [القصص: ٢٩] أي: فرغ من تلاوته ومنه: انقضى الشيء إذا تم، ومنه: فلما قضى صلاته وبمعنى أنفذ وأمضى كقوله: ﴿فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ﴾ [طه: ٧٢] وبمعنى الخروج من الشيء والانفصال منه، ومنه: قضى الدين أي: خرج وانفصل منه، ومنه ﴿فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ﴾ [الجمعة: ١٠] ومنه ﴿فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ﴾ [القصص: ٢٩].

وقوله: من باب نحو دار القضاء (٣)، فسرها بعضهم أنها دار الأمارة وهو خطأ، وإنما هي دار عمر بن الخطاب، سميت دار القضاء لأنها بيعت في قضاء دين عمر بن الخطاب فيما أنفقه من بيت المال، فسميت بذلك، وهي دار مروان، ومن هنا دخل الوهم فيها.

وقوله: ولا تعدل في القضية (٤) أي: في الحكم أو النازلة المقضي فيها.

وقوله: فقاضاهم رسول الله عام القضية، وعمرة القضية، وقضية المدة: كله من القضاء وهو الفصل، يريد فاصلهم به من المصالحة، والقضية اسم ذلك الفعل. وفي كتاب العين: قاضاهم: عاوضهم، فقد سميت بذلك لمعاوضته هذه العمرة بالتي في السنة المقبلة. وقال الداودي: أقاضيك: أعاهدك وأعاقدك، والأول أصح وأعرف، وأما عمرة القضاء فهي اعتمار النبي العمرة التي اتفقوا عليها، يحتمل أن تكون من ذلك، لأنها العمرة التي تفاصلوا عليها، ويحتمل أنها قضاء عن العمرة التي فاتته، وإن لم تلزم شرعًا لمن صُدّ، لكن لما كانت بعدها فكأنها عوض عنها.

وقوله: يتقاضاها منه متقاضٍ أي: يطلبه بها.

وقوله: كان ابن لبعض بنات النبي يقضي أي: ينازع الموت وينقضي أجله. قال الله تعالى ﴿فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ﴾ [الأحزاب: ٢٣] وضبطه الأصيلي : يقضي.

[فصل الاختلاف والوهم]

في الضحايا: في باب استقبال الناس الإمام،


(١) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٢١، والأدب باب ٣٦، ٣٧، والتوحيد باب ٣١، ومسلم في الصلاة حديث ٦٤، والبر حديث ١٤٥.
(٢) أخرجه مسلم في القدر حديث ٣.
(٣) أخرجه البخاري في الاستسقاء باب ٧، ومسلم في الاستسقاء حديث ٨.
(٤) أخرجه البخاري في الأذان باب ٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>