للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النسفي، ورواه الجرجاني مرة وبعضهم مثله إلا أنه قال: الإِرْيَسيين، بسكون الراء وفتح الياء الأولى، ورواه بعضهم في غير الصحيحين: الإريسين. مخفف الياءين معًا، قال أبو عبيد: هذا هو المحفوظ فمن قال: الإِرِيسيين فقالوا في تفسيره: هم أتباع عبد الله بن إريس رجل في الزمن الأول بعث الله نبيًا فخالفه هو وأصحابه، وأنكر ابن القزاز هذا التفسير ورواية من قال: الأَرْيسيين بفتح الياء وسكون الراء. وقيل: هم الإروسيون وهم نصارى أتباع عبد الله بن أروس وهم الأروسية متمسكون بدين عيسى لا يقولون إنه ابن. قال أبو عبيد الهروي عن ثعلب: أَرَسَ يَأْرِسُ صار أَرِيسًا والجمع أَرِيسون بالفتح والتخفيف وأَرَسَ يُؤْرِسُ مثله، وصار أُرْسيًّا والجمع أُرسيُّون بضم الهمزة وهم الأَكرة، وقيل: الملوك الذين يخالفون أنبياءهم، وقيل: الخدمة والأعوان، وقيل: المتبخترون. وفي مصنف ابن السكن: يعني اليهود والنصارى فسره في الحديث، ومعناه إن عليك إثم رعاياك وأتباعك ممن صددته عن الإسلام واتبعك على كفرك، كما قال الله تعالى ﴿يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ﴾ [سبأ: ٣١] وكما جاء في بعض طرق هذا الحديث وإلا فلا تحل بين الفلاحين والإسلام. قال أبو عبيد: ليس الفلاحون هنا الزراعون خاصة، لكن جميع أهل المملكة لأن كل من زرع هو عند العرب فلاح تولى ذلك بنفسه أو تولي له، ويدل على ما قلناه قوله أيضًا في حديث آخر: فإن أَبَيْتَ فإنا نهدم الكُفور ونقتل الإِرِيسين، وإني أجعل إثم ذلك في رقبتك. الكُفور: القرى، واحدها كَفْرُ، وهذا المعنى الذي تفسره الأحاديث ويعضده القرآن أولى ما قيل فيه (١).

قوله: اتركوا هذين أو اركوا هذين. يعني أخروهما وألزموهما حالهما حتى يصطلحا، يقال: أَرَكَ في عنقه كذا أي ألزمه إياه، وأَرْكَيْتُ عليه كذا ألزمته في عنقه، ولفظ الرواية هنا على الوجه الآخر فيكون من باب الواو لا من باب الهمزة.

قوله: في الذبائح: إعجل أو أرن (٢). كذا وقع في رواية النسفي، وبعض روايات البخاري: أرِنْ: بكسر الراء وسكون النون مثل: أقِمْ، وضبطه الأصيلي وغيره أرني بكسر النون بعدها ياء، ومثله في كتاب مسلم: إلا أن الراء ساكنة، وفي كتاب أبي داود أَرْن بسكون الراء ونون مطلقة، واختلف في توجيه هذا الحرف ومعناه، فقال الخطابي: صوابه إيْرَنْ على وزن إعْجَلْ وبمعناها، وهو من النشاط أي خف واعجل لئلا تموت الذبيحة خنقًا، لأن الذبح إذا كان بغير آلته والشفار المحدودة خشي عليه فيه، قال: وقد يكون: أرِنْ. على وزن أَطِعْ أي أهلكها ذبحًا من: أَرَانَ القومُ إذا هلكت مواشيهم، قال: ويكون على وزن: إعْطِ بمعنى: أدِمْ الحز ولا تفتر من رنوت إذا أدمت النظر، قال: ويحتمل أن يكون: ارز بالزاي إن كان روي أي شد يدك على المحز، تكون أرني


(١) قال في النهاية ١/ ٣٨: الأريسين هم الخدم والخول. وقال ابن الأعرابي: أَرَسَ يَأْرِسُ أرْسًا فهو أريس، وأرّس يؤرِّسُ تأريسًا فهو إرّيس، وجمعها أريسون وإرّيسون وأرارسة، وهم الأكّارون، وإنما قال ذلك لأن الأكّارين كانوا عندهم من الفرس، وهم عبدة النار.
(٢) أخرجه البخاري في الشركة باب ١٦، والذبائح باب ٢٣، ٣٧، ومسلم في الأضاحي حديث ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>