للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسلم، وأسلف وسلف وأرهن كله بمعنى، والسلام اسم من أسماء الله تعالى قيل: معناه ذو السلامة أي: من كل عيب ونقص، وهو اختيار ابن فورك وغيره. وقيل: الذي سلم عباده من ظلمه، حكاه الخطابي. وقال الحربي: معناه مسلم عباده من هلاكه. وقال القشيري: مسلم المؤمنين من عذابه. قال: وقيل: المسلم على عباده بقوله ﴿وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾ [النمل: ٥٩] أي: ذو السلام. وقيل: المسلم على المؤمنين في الجنان بقوله ﴿سَلَامٌ قَوْلًا مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ﴾ [يس: ٥٨] وأما السلام من الصلاة والسلام من التحية فقيل: معنى ذلك السلامة لك ولكم، والسلام والسلامة سواء كالرضاع والرضاعة، فكان السلم إذا سلم على الآخر أعلمه أنه مسالم له لا يخاف منه. وقيل: معناه الدعاء أي السلامة لكم. وقيل: معنى السلام عليكم أي: الله معكم كما يقال: الله حافظك وحائطك، أو حفظ الله عليكم. وفي خبر السلام اسم من أسماء الله فأفشوه بينكم.

وقوله: ما منكم أحد إلا وقد وكّل به قرينه. قيل: وأنت؟ قال: وأنت؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم (١)، رويناه بالضم والفتح، فمن ضم رد ذلك إلى النبي أي: فأسلم أنا منه، ومن فتح رده إلى القرين أي: أسلم من الإسلام، وقد روي في غير هذه الأمهات فاستسلم.

وقوله: ما كان من أرض سلم ففيها الزكاة (٢)، كذا لجمهورهم: بفتح السين، ومعناه أرض إسلام، وعند أبي ذر: السلام معرفة، وكذا جاء في رواية النسفي: أرض الإسلام، وعند الجرجاني: أرض مسلم.

وقوله: أسلم سالمها الله (٣) من مجانسة الكلام، لأن من سالمته لم يَرَ منك ما يكره فإنه دعا لها بأن يصنع الله بها ما يوافقها، ويكون سالمها بمعنى سلمها، وجاء بفاعل، كما قال: قاتله الله بمعنى قتله.

وقوله: إن سيد الحي سليم (٤) أي: لديغ يقال: لمن لدغه ذوات السموم سليم، على معنى التفاؤل بسلامته من ذلك، وقيل: سمي بذلك لاستسلامه لما به.

وقوله: أسلم تسلم الأول (٥): بكسر اللام من الإسلام، والثاني: بفتحها من السلامة، وأصل الإسلام الانقياد، وفرق في حديث جبريل بينه وبين الإيمان، فجعل الإيمان باطنًا بما تعلق بعمل القلب، والإسلام ظاهرًا بما تعلق بعمل الجوارح، وهذا نحو قوله تعالى: ﴿قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا﴾ [الحجرات: ١٤] ففرق بينهما وقد جاء أيضًا بمعنى واحد، ومنه قوله تعالى: ﴿فَأَخْرَجْنَا مَنْ كَانَ فِيهَا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٣٥) فَمَا وَجَدْنَا فِيهَا غَيْرَ بَيْتٍ مِنَ الْمُسْلِمِينَ﴾ [الذاريات: ٣٥، ٣٦] وأصل الإسلام الطاعة والانقياد. ومنه قوله تعالى:


(١) أخرجه مسلم في المنافقين حديث ٦٩، ٧٠.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٦٦.
(٣) أخرجه البخاري في الاستسقاء باب ٢، والمناقب باب ٦، ومسلم في المساجد حديث ٣٠٧، ٣٠٨، وفضائل الصحابة حديث ١٨٢، ١٨٧.
(٤) أخرجه البخاري في فضائل القرآن باب ٩.
(٥) أخرجه البخاري في بدء الوحي باب ٦، والجهاد باب ١٠٢، وتفسير سورة ٣، باب ٤، ومسلم في الجهاد حديث ٧٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>