للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الرواية هي الوجه في الحديث ويكون تأخيره في كتاب مسلم أصوب، لكنه لم يكن عند أحد من شيوخنا غيره، ويحتمل أن يكون وربي مغيرًا منه، وقد يحتمل أن يكون مغيرًا من العهد والميثاق أيضًا فإن الرباب: بالكسر العهد والمعاهدون يقال لهم: إربة مثل: أغرة فلعله فعل منه والله أعلم. وعليه حمله بعض الشارحين.

قوله: الصَّلاةُ في مَرَابِضِ الإِبلِ (١)، كذا للأصيلي، ولغيره مواضع وهو أصح، وإنما يستعمل المربض في الشاء، يقال: ربضت الدابة ربوضًا بركت، وأصل المعطن للإبل. وسيأتي في حرفه.

وقوله: ذاك مال رائح ويروى رابح معًا (٢): بالباء بواحدة من الربح بالأجر وجزيل الثواب، أي: ذو ربح أو رابح ربه، وقيل: تفسير كريم: كثير الربح وبالياء باثنتين تحتها من الرواح عليه بالأجر على الدوام، ما بقيت أصوله وثماره، وقد اختلفت رواة الموطأ عن مالك فيه بالوجهين وبالياء باثنتين، رواية يحيى بن يحيى الأندلسي وبعضهم، وبالباء وحدها رواية أبي مصعب وغيره والقعنبي شك في أحد اللفظين فقال: رابح أو رائح. وقد ذكر البخاري فيه الوجهين عن أصحاب مالك، فذكر عن ابن أبي أويس، ويحيى بن يحيى التميمي بالياء باثنتين، وعن التنسي، وروح بن عبادة بالباء بواحدة، ذكره مسلم. وفي كراء المزارع في حديث إسحاق: نواجرها على الربيع، كذا للعذري والسجزي: بفتح الراء أي: الجداول على ما فسرناه قبل، وكما جاء في غيره من الأحاديث أي: على ما ينبت على شط هذه الجداول فهو لرب الأرض يختص به، وما عداه للزارع وهو غرر، فلذلك نهى عنه وعند السمرقندي: على الربع أي الجزء مما يخرج من الأرض وهو غرر أيضًا. وقد تكون الروايتان صحيحتان قد قالوا: للربع ربيع، كما قالوا للنصف نصيف. وفي الموطأ: ربيع لعبد الرحمن بن عوف، كذا هو للكافة: بالفتح كالأول أي: جدول، وعند ابن المرابط، ربيع على التصغير، والأول أصوب هنا، وقد يكون الربيع أيضًا: القسم من الماء، ويحتمل أن يكون المراد به في الحديث هنا. في التكبير على الجنائز: صلى بنا أنس فكبر ثلاثًا ثم سلم فقيل: فاستقبل القبلة ثم كبر الرابعة، كذا لكافة الرواة، وعند الأصيلي: ثم كبر أربعًا فيحتمل أنه أتمها أربعًا فيكون بمعنى الأول، ويحتمل أنه أعاد الصلاة فكبر أربعًا، والأول أولى لموافقته الرواية الأخرى. في الحديث الآخر: ألم أذرك تأكل وتربع (٣)؟ كذا للجلودي بباء بواحدة. قيل: تأكل المرباع ويحتمل عندي أن يكون معناه تتودع في نعمتي ولا تحتاج النجعة، مثل النازل المربع في زمن الربيع أو من قولهم: أربع على نفسك كما تقدم. وفي رواية ابن ماهان: ترتع بتاء باثنتين فوقها أي: تتنعم وتلهو، أو قد يكون من معنى الأول كما قيل في قوله تعالى: ﴿يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ﴾ [يوسف: ١٢] قيل: يكون في خصب وسعة


(١) انظر البخاري في الوضوء باب ٦٦، والصلاة باب ٤٨، ٤٩، ومناقب الأنصار باب ٤٦، ومسلم في المساجد حديث ٩، ١٠.
(٢) أخرجه البخاري في الزكاة باب ٤٤، والوصايا باب ١٧، ٢٦، والوكالة باب ١٥، وتفسير سورة ٣، باب ٥، والأشربة باب ١٣، ومسلم في الزكاة حديث ٤٣.
(٣) أخرجه مسلم في الزهد حديث ١٦، بلفظ: "ألم أذرك ترأس وتربع".

<<  <  ج: ص:  >  >>