للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

والغدوة قبلها، وهذا الحديث يدل على فرق ما بينهما، وكذلك قوله في المنحة تغدو بإناء وتروح بإناء، وفي الحديث الآخر: يغدون في غضب الله، ويروحون في سخطه (١)، وكلما غدا أو راح (٢)، ولهذا ذهب مالك في تأويل قوله: من راح إلى الجمعة في الساعة الأولى (٣)، وذكر الثانية والثالثة إلى الخامسة، وتأوله كله أجزاء الساعة التي تزول فيها الشمس وهي السادسة لا ساعات النهار المعلومة، إذ لا يستعمل الرواح إلا من وقتها، وذهب غيره من الفقهاء واللغويين إلى أن لفظة راح وغدًا قد تستعمل بمعنى سار أي: وقت من النهار ولا يزاد بها توقيت من النهار. وقيل: معناه خف إليها.

وقوله: على روحة من المدينة أي: على مقدار سير روحة ومراح الغنم: بضم الميم موضع مبيتها. وقيل: مسيرها إلى المبيت، ولم أرح عليها، وأعطاني من كل رائحة وروحتها بعشي الإراحة رد الإبل والماشية بالعشي، كذا للأصيلي أُرج: بضم الهمزة وكسر الراء، ولغيره أرح: بفتح الهمزة وضم الراء وهما صحيحان، يقال: أراح الرجل إبله وراحها، ومنه قوله: أراح عليَّ نعمًا ثريًا.

وقوله: الرواح ورحت أحضر ورحت إلى عبادة وهو رائح إلى المسجد كله من السير وقت الرواح على ما تقدم أو السير كله.

وقوله: استأذنت عليه أخت خديجة فارتاح لذلك (٤) أي: هش ونشطت نفسه برًا بها وسرورًا، ومنه: فلان يرتاح للمعروف.

وقوله: هما رِيحَانَتَايَ من الدنيا (٥)، الولد يسمى الريحان، ومن هنا بمعنى في أي: في الدنيا. وقيل: ريحانتاي من الجنة في الدنيا، كما قال في الحديث الآخر: الولد الصالح ريحانة من رياحين الجنة. قيل: يوجد منهما ريح الجنة، والريحان: ما يستراح إليه أيضًا. وقيل: سماهما بذلك لأن الولد يُشَمّ كالريحان. وفي الحديث: لم يُرِحْ رائحة الجنة (٦) أي: لم يشمه. يقال فيه: لم يرح ولم يرح ولم يرح ولم يرح: بفتح الراء بكسرها ويقال: رحت الشيء أريحه وأراحه وأرحته أريحه، واستراح ريحه أيضًا: وجده وشمه.

وقوله: في يوم راح، تقدم تفسيره أي ذو ريح، وليلة راحة كذلك، فأما يوم ريح: بكسر الياء مشددة، وروح فمعناه: طيب.

وقوله: في عيسى: أنت روح الله وكلمته (٧)، قيل: سمي روحًا بمعنى رحمته، وقيل: لأنه ليس من أب.

وقوله: إن روح القدس نفث في روعي، واللهم أيده بروح القدس (٨). قيل: هو جبريل.


(١) أخرجه أحمد في المسند ٥/ ٢٥٠، بلفظ: "يغدون في سخط الله ويروحون في غضبه".
(٢) أخرجه البخاري في الأذان باب ٣٧، ومالك في السفر حديث ٥٣.
(٣) أخرجه مالك في الجمعة حديث ١.
(٤) أخرجه مسلم في فضائل الصحابة حديث ٧٨.
(٥) أخرجه البخاري في فضائل الصحابة باب ٢٢، والأدب باب ١٨.
(٦) أخرجه البخاري في الجزية باب ٥، والديات باب ٣٠، والأحكام باب ٨.
(٧) أخرجه البخاري في تفسير سورة ١٧، باب ٥، ومسلم في الإيمان حديث ٣٢٧.
(٨) أخرجه البخاري في الصلاة باب ٦٨، وبدء الخلق باب ٦، والأدب باب ٩١، ومسلم في فضائل الصحابة حديث ١٥١، ١٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>