للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الخصلة أو الفعلة: الوضوء، فحذف اختصارًا لدلالة الكلام عليه. وقد قيل في هذه الكلمة، في غير هذا الحديث: فيها ونعمت: بفتح النون وكسر العين وسكون الميم: يدعو المخاطبة بالنعمة. قال ثعلب: والعامة تقول: ونعمه وتقف عليها بالهاء، وإنما هي بالتاء. قال ابن درستويه: ينبغي أن يكون هذا الصواب عند ثعلب، وأن تكون التاء خطأ، لأن الكوفيين يزعمون أن نعم وبيس اسمان، والأسماء تدخل عليها الهاء بدلًا من التاء، والبصريون يجعلونهما فعلين ماضيين، والأفعال تليها تاء التأنيث ولا تلحقها الهاء. قال القاضي : بالتاء قيدنا الحرف هنا. وفي الحديث الآخر بعده: قال الباجي: وبالهاء وجدته في أكثر النسخ. قال: وهو الصواب على مذهب الكوفيين، وبالتاء على مذهب البصريين.

وقوله: نعمت البدعة هذه (١)، كذلك وهو ثناء عليها من النعمة، ومن أنعم الشيء: بكسر العين وفتحها أي: حسن، والنعمة كل ما يتنعم به. قال الخليل: وأصل النعمة الخفض والدعة، نعم الرجل وأنعم، صار إلى نعمة ومنه قوله: ونعم ما لأحدكم، كذا مثله أي: حسن وهي ضد بئس، وفي لغة هذيل نعم: بكسر النون والعين. قال سيبويه: وعلى هذه اللغة قوله: تعالى: ﴿نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ﴾ [النساء: ٥٨]. كسر النون بكسرة العين، وسكنها في اللغة الثالثة استخفافًا، وفيها لغة رابعة نعم، مثل سمع، والنعماء: مفتوح ممدود، والنعما: مضموم مقصور النعمة. وفي حديث موسى: وأدام الله نعماءه وبلاءه (٢).

وقوله: فلم أنعم أن أصدقها (٣) أي: لم تطب نفسي بذلك.

وقوله: فأنعم بها إن يبرد بها (٤) أي: بالغ في ذلك وأحسن.

وقوله: ولا ننعمك عينًا (٥) ولا نعمة عين (٦) منه، أي: لا تقر عينك بذلك، والنّعمة والنُّعمة: بالفتح والضم: المسرة. يقال: نعم الله بك عينًا، ونعم بك عينًا: بالكسر، وأنعم بك عينًا، ونعمك عينًا أي: أقر بك عين من يحبك، وأنكر بعضهم: نعم الله بك عينًا لأن الله لا ينعم، يريد نعمة المخلوقين وإذا تأول على موافقة مراد الله صح لفظًا ومعنى، يقال: نعم عين، ونعمة عين، ونعمى عين، ونعيم عين، ونعام عين، ونعام عين، ونعمى عين، ونعمى عين، أي مسرتها وقرتها، والنّعمة: بالفتح التنعم، والنِّعمة: بالكسر اسم ما أنعم الله به على عباده، ومولى النعمة المعتق.

وقوله: في حديث إبليس وسراياه: نعم أنت أي: صدقت وفعلت ما يوافقني، وجئت بالمرغوب والطاعة العظيمة، فحذف اختصارًا لما يدل عليه المقصد الذي ذكرناه قبل.


(١) أخرجه البخاري في التراويح باب ١، ومالك في رمضان حديث ٣، بلفظ: "نِعْمَ البدعة هذه".
(٢) أخرجه مسلم في الفضائل حديث ١٧٢.
(٣) أخرجه مسلم في المساجد حديث ١٢٥.
(٤) أخرجه الترمذي في المواقيت باب ١، والنسائي في المواقيت باب ١٢، وابن ماجه في الصلاة باب ١.
(٥) أخرجه البخاري في الخمس باب ٧، والأدب باب ١٠٦.
(٦) أخرجه مسلم في الجهاد حديث ١٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>