للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر وأصح، وإنما المقصود بالحديث التمثيل لعدم النقص إذ ما نقصه العصفور من البحر لا يظهر لرائيه فكأنه لم ينقص منه فكذلك هذا من علم الله، أو يكون راجعًا إلى المعلومات أي أن ما علمت أنا وأنت من جملة المعلومات لله التي لم يُطلع عليها، في التقدير والتمثيل للقلة والكثرة كهذه النقطة من هذا البحر، وذكر النقص هنا مجاز على كل وجه، ومحال في علم الله تعالى ومعلوماته في حقه، وإنما يتقدر في حقنا، ويدل على هذا قوله في الرواية الأخرى: (ما علمي وعلمك وعلم الخلائق في علم الله إلا مقدار ما غمس هذا العصفور منقاره).

وكذلك قوله: (لن تمسه النار إلا تحلة القسم) (١) محمول على الاستثناء عند الأكثر، وعبارة عن القلة عند بعضهم، على ما نفسره في حرف الحاء، وقد يحتمل أن يكون "إلا" هنا بمعنى "ولا" على ما تقدم أي ولا مقدار تحلة القسم.

في العزل: (ما عليكم ألَّا تفعلوا) (٢) بفتح الهمزة مشدد، قال غير واحد: هي إباحة، معناه: اعزلوا، أي لا بأس أن تعزلوا، قال المبرد: معناه لا بأس عليكم، ولا الثانية للطرح، وقال الحسن في كتاب مسلم: كان هذا زجرًا، وقال ابن سيرين: لا عليكم أقرب إلى النهي.

في حديث: (من وقاه الله شر اثنين ولج الجنة قوله: لا تخبرنا يا رسول الله) (٣) كذا ليحيى وابن القاسم وأكثر الرواة على النهي، وعند القعنبي وابن بكير ومطرف ومن وافقهم من رواة الموطأ: "ألا تخبرنا". على معنى العرض والجواب محذوف لدلالة الكلام عليه، أي فنمتثل ذلك أو ننتهي، وعلى الوجه الأول يحتمل ما قيل: إنه كان منافقًا، ويحتمل أنه قال ذلك لئلا يتَّكلوا على ذلك ويتركوا ما عداه، كما جاء في حديث آخر بمعناه، وقيل:


(١) البخاري (٦٦٥٦).
(٢) البخاري (٢٢٢٩).
(٣) الموطأ (١٨٥٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>